البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٢٥٥
زيد : بسبب الفعلة الطاغية التي فعلوها. وقال ابن عباس وابن زيد أيضا وأبو عبيدة ما معناه : الطاغية مصدر كالعاقبة، فكأنه قال : بطغيانهم، ويدل عليه كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها «١». وقيل : الطاغية : عاقر الناقة، والهاء فيه للمبالغة، كرجل راوية، وأهلكوا كلهم لرضاهم بفعله. وقيل : بسبب الفئة الطاغية. واختار الطبري وغيره أن الطاغية هي الصيحة، وترجيح ذلك مقابله سبب الهلاك في ثمود بسبب الهلاك في عاد، وهو قوله :
بِرِيحٍ صَرْصَرٍ، وتقدّم القول في صَرْصَرٍ في سورة القمر، عاتِيَةٍ : عتت على خزانها فخرجت بغير مقدار، أو على عاد فما قدروا على أن يتستروا منها، أو وصفت بذلك استعارة لشدّة عصفها، والتسخير هو استعمال الشيء باقتدار عليه. فمعنى سَخَّرَها عَلَيْهِمْ : أي أقامها وأدامها، سَبْعَ لَيالٍ : بدت عليهم صبح الأربعاء لثمان بقين من شوّال إلى آخر الأربعاء تمام الشهر، حُسُوماً، قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة وأبو عبيدة : تباعا لم يتخللها انقطاع. وقال الخليل : شؤما ونحسا. وقال ابن زيد :
حُسُوماً جمع حاسم، أي تلك الأيام قطعتهم بالإهلاك، ومنه حسم العلل والحسام.
وقال الزمخشري : وإن كان مصدرا، فإما أن ينتصب بفعل مضمر، أي تحسم حسوما بمعنى تستأصل استئصالا، أو تكون صفة، كقولك : ذات حسوم، أن تكون مفعولا له، أي سخرها عليهم للاستئصال. وقرأ السدّي : حسوما بالفتح : حالا من الريح، أي سخرها عليهم مستأصلة. وقيل : هي أيام العجز، وهي آخر الشتاء. وأسماؤها : الصين والصنبر والوبر والآمر والمؤتمر والمعلل ومصفى الجمر. وقيل : مكفى الطعن.
فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها : أي في الليالي والأيام، أو في ديارهم، أو في مهاب الريح احتمالات أظهرها الأول لأنه أقرب ومصرح به. وقرأ أبو نهيك : أعجز، على وزن أفعل، كضبع وأضبع. وحكى الأخفش أنه قرىء : نخيل خاوية خلت أعجازها بلى وفسادا. وقال ابن شجرة : كانت تدخل من أفواههم فتخرج ما في أجوافهم من الحسو من أدبارهم، فصاروا كالنخل الخاوية. وقال يحيى بن سلام : خلت أبدانهم من أرواحهم. وقال ابن جريج : كانوا في سبعة أيام في عذاب، ثم في الثامن ماتوا وألقتهم الريح في البحر، فذلك قوله : فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ. وقال ابن الأنباري : مِنْ باقِيَةٍ : أي من باق، والهاء للمبالغة. وقال أيضا : من فئة باقية. وقيل : مِنْ باقِيَةٍ : من بقاء مصدر جاء على فاعلة كالعاقبة. وقرأ أبو رجاء وطلحة والجحدري والحسن بخلاف عنه وعاصم في رواية أبان،