البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣١٥
مكة : بكسر الواو وسكون الطاء والهمزة مقصورة. وقرأ ابن محيصن : بفتح الواو ممدودا، والمعنى أنها أشد مواطأة، أي يواطىء القلب فيها اللسان، أو أشد موافقة لما يراد من الخشوع والإخلاص. ومن قرأ وَطْئاً : أي أشد ثبات قدم وأبعد من الزلل، أو أثقل وأغلظ على المصلي من صلاة النهار، كما
جاء :«اللهم اشدد وطأتك على مضر».
وقال الأخفش : أشد قياما. وقال الفراء : أثبت قراءة وقياما. وقال الكلبي : أشد نشاطا للمصلي لأنه في زمان راحته. وقيل : أثبت للعمل وأدوم لمن أراد الاستكثار من العبادة، والليل وقت فراغ، فالعبادة تدوم. وَأَقْوَمُ قِيلًا : أي أشد استقامة على الصواب، لأن الأصوات هادئة فلا يضطرب على المصلي ما يقرؤه. قال قتادة ومجاهد : أصوب للقراءة وأثبت للقول، لأنه زمان التفهم. وقال عكرمة : أتم نشاطا وإخلاصا وبركة. وحكى ابن شجرة : أعجل إجابة للدعاء. وقال زيد بن أسلم : أجدر أن يتفقه فيها القارئ. وقرأ الجمهور : سَبْحاً : أي تصرّفا وتقلبا في المهمات، كما يتردّد السابح في الماء. قال الشاعر :
أباحوا لكم شرق البلاد وغربها ففيها لكم يا صاح سبح من السبح
وقيل : سبحا سبحة، أي نافلة. وقرأ ابن يعمر وعكرمة وابن أبي عبلة : سبخا بالخاء المنقوطة ومعناه : خفة من التكاليف، والتسبيخ : التخفيف، وهو استعارة من سبخ الصوف إذا نفشه ونشر أجزاءه، فمعناه : انتشار الهمة وتفرّق الخاطر بالشواغل. وقيل : فراغا وسعة لنومك وتصرّفك في حوائجك. وقيل : المعنى إن فات حزب الليل بنوم أو عذر. فليخلف بالنهار، فإن فيه سبحا طويلا. قال صاحب اللوامح : وفسر ابن يعمر وعكرمة سبخا بالخاء معجمة. وقال : نوما، أي تنام بالنهار لتستعين به على قيام الليل. وقد تحتمل هذه القراءة غير هذا المعنى، لكنهما فسراها، فلا يجاوز عنه. انتهى. وفي الحديث :«لا تسبخي بدعائك»
، أي لا تخفي. وقال الشاعر :
فسبخ عليك الهم واعلم بأنه إذا قدّر الرحمن شيئا فكائن
وقال الأصمعي : يقال سبخ اللّه عنك الحمى، أي خففها. وقيل : السبخ : المد، يقال : سبخي قطنك : أي مديه، ويقال لقطع القطن سبائخ، الواحدة سبيخة، ومنه قول الأخطل :
فأرسلوهنّ يذرين التراب كما يذري سبائخ قطن ندف أوتار
وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ : أي دم على ذكره، وهو يتناول كل ذكر من تسبيح وتهليل