البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣١٦
وغيرهما، وانتصب تَبْتِيلًا على أنه مصدر على غير الصدر، وحسن ذلك كونه فاصلة.
وقرأ الأخوان وابن عامر وأبو بكر ويعقوب : رب بالخفض على البدل من ربك وباقي السبعة : بالرفع وزيد بن عليّ : بالنصب والجمهور : المشرق والمغرب موحدين وعبد اللّه وأصحابه وابن عباس : بجمعهما. وقال الزمخشري، وعن ابن عباس : على القسم، يعني : خفض رب بإضمار حرف القسم، كقولك : اللّه لأفعلن، وجوابه : لا إله إلا هو، كما تقول : واللّه لا أحد في الدار إلا زيد. انتهى. ولعل هذا التخريج لا يصح عن ابن عباس، إذ فيه إضمار الجار في القسم، ولا يجوز عند البصريين في لفظة اللّه، ولا يقاس عليه. ولأن الجملة المنفية في جواب القسم إذا كانت اسمية فلا تنفي إلا بما وحدها، ولا تنفي بلا إلا الجملة المصدرة بمضارع كثيرا وبماض في معناه قليلا، نحو قول الشاعر :
ردوا فو اللّه لا زرناكم أبدا ما دام في مائنا ورد لورّاد
والزمخشري أورد ذلك على سبيل التجويز والتسليم، والذي ذكره النحويون هو نفيها بما نحو قوله :
لعمرك ما سعد بخلة آثم ولا نأنأ يوم الحفاظ ولا حصر
فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا، لأن من انفرد بالألوهية لم يتخذ وكيلا إلا هو. وَاصْبِرْ، وَاهْجُرْهُمْ : قيل منسوخ بآية السيف. وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ : قيل نزلت في صناديد قريش، وقيل : في المطعمين يوم بدر، وتقدّمت أسماؤهم في سورة الأنفال، وتقدّم شرح مثل هذا في فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ «١». أُولِي النَّعْمَةِ : أي غضارة العيش وكثرة المال والولد، والنعمة بالفتح : التنعم، وبالكسر : الأنعام وما ينعم به، وبالضم :
المسرّة، يقال : نعم ونعمة عين. وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا : وعيد لهم بسرعة الانتقام منهم، والقليل : موافاة آجالهم وقيل : وقعة بدر. إِنَّ لَدَيْنا : أي ما يضاد نعمتهم، أَنْكالًا :
قيودا في أرجلهم. قال الشعبي : لم تجعل في أرجلهم خوفا من هروبهم، ولكن إذا أرادوا أن يرتفعوا استقلت بهم. وقال الكلبي : الأنكال : الأغلال، والأول أعرف في اللغة، ومنه قول الخنساء :
دعاك فقطعت أنكاله وقد كن قبلك لا تقطع

(١) سورة القلم : ٦٨/ ٤٤.


الصفحة التالية
Icon