البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣١٧
وَجَحِيماً : نارا شديدة الإيقاد. وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ، قال ابن عباس : شوك من نار يعترض في حلوقهم، لا يخرج ولا ينزل. وقال مجاهد وغيره : شجرة الزقوم. وقيل :
الضريع وشجرة الزقوم. يَوْمَ منصوب بالعامل في الدنيا، وقيل : بذرني، تَرْجُفُ :
تضطرب. وقرأ الجمهور : تَرْجُفُ بفتح التاء مبنيا للفاعل وزيد بن علي : بضمها مبنيا للمفعول، كَثِيباً : أي رملا مجتمعا، مَهِيلًا : أي رخوا لينا. قيل : ويقال : مهيل ومهيول، وكيل ومكيول، ومدين ومديون، الإتمام في ذوات الياء لغة تميم، والحذف لأكثر العرب.
ولما هدد المكذبين بأهوال القيامة، ذكرهم بحال فرعون وكيف أخذه اللّه تعالى، إذ كذب موسى عليه السلام، وأنه إن دام تكذيبهم أهلكهم اللّه تعالى فقال : إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ، والخطاب عام للأسود والأحمر. وقيل : لأهل مكة، رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ، كما قال : وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ «١». وشبه إرساله إلى أهل مكة بإرسال موسى إلى فرعون على التعيين، لأن كلا منهما ربا في قومه واستحقروا بهما، وكان عندهم علم بما جرى من غرق فرعون، فناسب أن يشبه الإرسال بالإرسال. وقيل : الرسول بلام التعريف، لأنه تقدم ذكره فأحيل عليه. كما تقول : لقيت رجلا فضربت الرجل، لأن المضروب هو الملقى، والوبيل : الرديء العقبى، من قولهم : كلأ وبيل : أي وخيم لا يستمرأ لثقله، أي لا ينزل في المريء.
قوله عز وجل : فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً، السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا، إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا، إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
يَوْماً منصوب بتتقون، منصوب نصب المفعول به على المجاز، أي كيف تستقبلون هذا اليوم العظيم الذي من شأنه كذا وكذا؟ والضمير في يَجْعَلُ لليوم، أسند إليه الجعل لما كان واقعا له على سبيل المجاز. وقال الزمخشري : يَوْماً مفعول به، أي