البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣٤٦
قال أبو عبيدة : برق بالفتح : شق. وقال ابن إسحاق : خفت عند الموت. قال مجاهد : هذا عند الموت. وقال الحسن : هو يوم القيامة. وقرأ أبو السمال : بلق باللام عوض الراء، أي انفتح وانفرج، يقال : بلق الباب وأبلقته وبلقته : فتحته، هذا قول أهل اللغة إلا الفراء فإنه يقول : بلقه وأبلقه إذا أغلفه. وقال ثعلب : أخطأ الفراء في ذلك، إنما هو بلق الباب وأبلقه إذا فتحه. انتهى. ويمكن أن تكون اللام بدلا من الراء، فهما يتعاقبان في بعض الكلام، نحو قولهم : نثره ونثلة، ووجر ووجل. وقرأ الجمهور : وَخَسَفَ مبنيا للفاعل وأبو حيوة وابن أبي عبلة ويزيد بن قطيب وزيد بن علي : مبنيا للمفعول. يقال : خسف القمر وخسفه اللّه، وكذلك الشمس. قال أبو عبيدة وجماعة من أهل اللغة : الخسوف والكسوف بمعنى واحد. وقال ابن أبي أويس : الكسوف ذهاب بعض الضوء، والخسوف جميعه.
وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ : لم تلحق علامة التأنيث، لأن تأنيث الشمس مجان، أو لتغليب التذكير على التأنيث. وقال الكسائي : حمل على المعنى، والتقدير : جمع النوران أو الضياءان، ومعنى الجمع بينهما، قال عطاء بن يسار : يجمعان فيلقيان في النار، وعنه يجمعان يوم القيامة ثم يقذفان في البحر، فيكونان نار اللّه الكبرى. وقيل : يجمع بينهما في الطلوع من المغرب، فيطلعان أسودين مكورين. وقال علي وابن عباس : يجعلان في نور الحجب
، وقيل : يجتمعان ولا يتفرقان، ويقربان من الناس فيلحقهم العرق لشدة الحر، فكأن المعنى : يجمع حرهما. وقيل : يجمع بينهما في ذهاب الضوء، فلا يكون ثم تعاقب ليل ولا نهار. وقرأ الجمهور : الْمَفَرُّ بفتح الميم والفاء، أي أين الفرار؟ وقرأ الحسن بن علي بن أبي طالب، والحسن بن زيد، وابن عباس والحسن وعكرمة وأيوب السختياني وكلثوم بن عياض ومجاهد وابن يعمر وحماد بن سلمة وأبو رجاء وعيسى وابن أبي إسحاق وأبو حيوة وابن أبي عبلة والزهري : بكسر الفاء
وهو موضع الفرار. وقرأ الحسن : بكسر الميم وفتح الفاء، ونسبها ابن عطية للزهري، أي الجيد الفرار، وأكثر ما يستعمل هذا الوزن في الآلات وفي صفات الخيل، نحو قوله :
مكر مفر مقبل مدبر معا والظاهر أن قوله : كَلَّا لا وَزَرَ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ من تمام قول الإنسان.
وقيل : هو من كلام اللّه تعالى، لا حكاية عن الإنسان. كَلَّا : ردع عن طلب المفر، لا وَزَرَ : لا ملجأ، وعبر المفسرون عنه بالجبل. قال مطرف بن الشخير : هو كان وزر فرار العرب في بلادهم، فلذلك استعمل والحقيقة أنه الملجأ من جبل أو حصن أو سلاح


الصفحة التالية
Icon