البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣٦٠
وقال الزمخشري : وهي قراءة حسنة، والمعنى : إما شاكرا بتوفيقنا، وإما كفورا فبسوء اختياره. انتهى. فجعلها إما التفصيلية المتضمنة معنى الشرط، ولذلك تلقاها بفاء الجواب، فصار كقول العرب : إما صديقا فصديق وانتصب شاكرا وكفورا على الحال من ضمير النصب في هَدَيْناهُ. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكونا حالين من السبيل، أي عرفناه السبيل، إما سبيلا شاكرا وإما سبيلا كفورا، كقوله : وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ «١»، فوصف السبيل بالشكر والكفر مجازا. انتهى. ولما كان الشكر قل من يتصف به قال شاكرا : ولما كان الكفر كثر من يتصف به ويكثر وقوعه من الإنسان بخلاف الشكر جاء كفورا بصيغة المبالغة. ولما ذكر الفريقين أتبعهما الوعيد والوعد. وقرأ طلحة وعمرو بن عبيد وابن كثير وأبو عمرو وحمزة : سلاسل ممنوع الصرف وقفا ووصلا. وقيل عن حمزة وأبي عمر : الوقف بالألف. وقرأ حفص وابن ذكوان بمنع الصرف، واختلف عنهم في الوقف، وكذا عن البزي. وقرأ باقي السبعة : بالتنوين وصلا وبالألف المبدلة منه وقفا، وهي قراءة الأعمش، قيل : وهذا على ما حكاه الأخفش من لغة من يصرف كل ما لا ينصرف إلا أفعل من وهي لغة الشعراء، ثم كثر حتى جرى في كلامهم، وعلل ذلك بأن هذا الجمع لما كان يجمع فقالوا : صواحبات يوسف ونواكسي الأبصار، أشبه المفرد فجرى فيه الصرف، وقال بعض الرجاز :
والصرف في الجمع أتى كثيرا حتى ادعى قوم به التخييرا
والصرف ثابت في مصاحف المدينة ومكة والكوفة والبصرة، وفي مصحف أبيّ وعبد اللّه، وكذا قوارير. وروى هشام عن ابن عامر : سلاسل في الوصل، وسلاسلا بألف دون تنوين في الوقف. وروي أن من العرب من يقول : رأيت عمرا بالألف في الوقف.
مِنْ كَأْسٍ : من لابتداء الغاية، كانَ مِزاجُها كافُوراً، قال قتادة : يمزج لهم بالكافور، ويختم لهم بالمسك. وقيل : هو على التشبيه، أي طيب رائحة وبرد كالكافور. وقال الكلبي : كافورا اسم عين في الجنة، وصرفت لتوافق الآي. وقرأ عبد اللّه : قافورا بالقاف بدل الكاف، وهما كثيرا ما يتعاقبان في الكلمة، كقولهم : عربي قح وكح، وعَيْناً بدل من كافُوراً ومفعولا بيشربون، أي ماء عين، أو بدل من محل من كأس على حذف مضاف، أي يشربون خمرا خمر عين، أو نصب على الاختصاص. ولما كانت الكأس مبدأ شربهم أتى بمن وفي يَشْرَبُ بِها : أي يمزج شرابهم بها أتى بالباء الدالة على

(١) سورة البلد : ٩٠/ ١٠. [.....]


الصفحة التالية
Icon