البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٣٩٦
الخيل أو النجوم. ورتب جميع الأوصاف على كل واحد من الثلاثة، فقال : أقسم سبحانه بطوائف الملائكة التي هي تنزع الأرواح من الأجساد، وبالطوائف التي تنشطها، أي تخرجها من نشط الدلو من البئر إذا أخرجها، وبالطوائف التي تسبح في مضيها، أي تسرع فتسبق إلى ما أمروا به فتدبر أمرا من أمور العباد مما يصلحهم في دينهم أو دنياهم كما رسم لهم غرقا، أي إغراقا في النزع، أي تنزعها من أقاصي الأجساد من أناملها وأظفارها.
أو أقسم بخيل الغزاة التي تنزع في أعنتها إلى آخر ما نقلناه ثم قال : من قولك : ثور ناشط، إذا خرج من بلد إلى بلد، والتي تسبح في جريتها فتسبق إلى الغاية فتدبر أمر الغلبة والظفر، وإسناد التدبير إليها لأنها من أسبابه. أو أقسم بالنجوم التي تنزع من المشرق إلى المغرب، وإغراقها في النزع أن تقطع الفلك كله حتى تنحط من أقصى المغرب، والتي تخرج من برج إلى برج، والتي تسبح في الفلك من السيارة فتسبق فتدبر أمرا في علم الحساب.
وقيل : النازعات : أيدي الغزاة أو أنفسهم تنزع القسي بإغراق السهام والتي تنشط الإرهاق. انتهى. والذي يظهر أن ما عطف بالفاء هو من وصف المقسم به قبل الفاء، وأن المعطوف بالواو هو مغاير لما قبله، كما قرّرناه في المرسلات، على أنه يحتمل أن يكون المعطوف بالواو من عطف الصفات بعضها على بعض. والمختار في جواب القسم أن يكون محذوفا وتقديره : لتبعثن لدلالة ما بعده عليه، قاله الفراء. وقال محمد بن عليّ الحكيم الترمذي : الجواب : إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى، والمعنى فيما اقتصصت من ذكر يوم القيامة وذكر موسى عليه السلام وفرعون. قال ابن الأنباري : وهذا قبيح لأن الكلام قد طال. وقيل : الكلام التي تلقى بها القسم محذوفة من قوله : يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ، أي ليوم كذا، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، ولم تدخل نون التوكيد لأنه قد فصل بين اللام المقدرة والفعل وقول أبي حاتم هو على التقديم والتأخير، كأنه قال : فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ. وَالنَّازِعاتِ، قال ابن الأنباري : خطأ لأن الفاء لا يفتتح بها الكلام. وقيل :
التقدير : يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، وَالنَّازِعاتِ على التقديم والتأخير أيضا وليس بشيء. وقيل : الجواب : هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى، لأنه في تقدير قد أتاك وليس بشيء، وهذا كله إعراب من لم يحكم العربية، وحذف الجواب هو الوجه، ويقرب القول بحذف اللام من يَوْمَ تَرْجُفُ. قال ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد : هما الصيحتان، أي النفختان، الأولى تميت كل شيء، وفي الثانية تحيي. وقال مجاهد أيضا : الواجفة :