البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٤٣٥
تتصدع بالغمام، وقاله الفراء والزجاج. وقيل : تنشق لهول يوم القيامة، كقوله : وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ «١». وقرأ الجمهور : بسكون تاء انشقت وما بعدها وصلا ووقفا.
وقرأ عبيد بن عقيل، عن أبي عمرو : بإشمام الكسر وقفا بعد ما لم تختلف في الوصل إسكانا. قال صاحب اللوامح : فهذا من التغييرات التي تلحق الروي في القوافي، وفي هذا الإشمام بيان أن هذه التاء من علامة ترتيب الفعل للإناث، وليست مما تنقلب في الأسماء، فصار ذلك فارقا بين الاسم والفعل فيمن وقف على ما في الأسماء بالتاء، وذلك لغة طيىء وقد حمل في المصاحف بعض التاءات على ذلك، انتهى. وقال ابن خالويه : إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ بكسر التاء، عبيد عن أبي عمرو. وقال ابن عطية، وقرأ أبو عمرو :
انْشَقَّتْ، يقف على التاء كأنه يشمها شيئا من الجر، وكذلك في أخواتها. قال أبو حاتم : سمعت أعرابيا فصيحا في بلاد قيس يكسر هذه التاءات، وهي لغة. انتهى. وذلك أن الفواصل قد تجري مجرى القوافي. فكما أن هذه التاء تكسر في القوافي، تكسر في الفواصل ومثال كسرها في القوافي قول كثير عزة :
وما أنا بالداعي لعزة بالردى ولا شامت أن نعل عزة زلت
وكذلك باقي القصيدة. وإجراء الفواصل في الوقف مجرى القوافي مهيع معروف، كقوله تعالى : الظُّنُونَا «٢»، والرَّسُولَا «٣» في سورة الأحزاب. وحمل الوصف على حالة الوقف أيضا موجود في الفواصل. وَأَذِنَتْ : أي استمعت وسمعت أمره ونهيه، وفي الحديث :«ما أذن اللّه بشيء إذنه لنبي يتغنى بالقرآن».
وقال الشاعر :
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا
وقال قعنب :
إن يأذنوا ريبة طاروا بها فرحا وما هم أذنوا من صالح دفنوا
وقال الحجاف بن حكيم :
أذنت لكم لما سمعت هريركم وأذنها : انقيادها للّه تعالى حين أراد انشقاقها، فعل المطيع إذا ورد عليه أمر المطاع أنصت وانقاد، كقوله تعالى : قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ «٤». وَحُقَّتْ، قال ابن عباس ومجاهد
(٢) سورة الأحزاب : ٣٣/ ١٠.
(٣) سورة الأحزاب : ٣٣/ ٦٦.
(٤) سورة فصلت : ٤١/ ١١.