البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٤٣٦
وابن جبير : وحق لها أن تسمع. وقال الضحاك : أطاعت وحق لها أن تطيع. وقال قتادة :
وحق لها أن تفعل ذلك، وهذا الفعل مبني للمفعول، والفاعل هو اللّه تعالى، أي وحق اللّه تعالى عليها الاستماع. ويقال : فلان محقوق بكذا وحقيق بكذا، والمعنى : أنه لم يكن في جرم السماء ما يمنع من تأثير القدرة في انشقاقه وتفريق أجزائه وإعدامه. قيل : ويحتمل أن يريد : وحق لها أن تنشق لشدة الهول وخوف اللّه تعالى. وقال الزمخشري : وهي حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع، ومعناه : الإيذان بأن القادر الذات يجب أن يتأتى له كل مقدور ويحق ذلك، انتهى. وفي قوله القادر الذات دسيسة الاعتزال، وما أولع هذا الرجل بمذهب الاعتزال، يدسه متى أمكنه في كل ما يتكلم به.
وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ، قال مجاهد : سويت. وقال الضحاك : بسطت باندكاك جبالها، ومنه
الحديث : تمد الأرض مد الأديم العكاظي حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه»
، وذلك أن الأديم إذا مدّ زال ما فيه من تئن وانبسط، فتصير الأرض إذ ذاك كما قال تعالى : قاعاً صَفْصَفاً، لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً «١». وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ، قال ابن جبير والجمهور : ألقت ما في بطنها من الأموات، وتخلت ممن على ظهرها من الأحياء. وقيل : تخلت مما على ظهرها من جبالها وبحارها. وقال الزجاج : ومن الكنوز، وضعف هذا بأن ذلك يكون وقت خروج الدجال، وإنما تلقي يوم القيامة الموتى.
وَتَخَلَّتْ : أي عن ما كان فيها، لم تتمسك منهم بشيء. وجاء تخلت : أي تكلفت أقصى جهدها في الخلو. كما تقول : تكرم الكريم : بلغ جهده في الكرم وتكلف فوق ما في طبعه، ونسبة ذلك إلى الأرض نسبة مجازية، واللّه تعالى هو الذي أخرج تلك الأشياء من باطنها. وجواب إذا محذوف، فإما أن يقدره الذي خرج به في سورة التكوير أو الانفطار، أو ما يدل عليه : إِنَّكَ كادِحٌ، أي لاقى كل إنسان كدحه. وقال الأخفش والمبرد : هو ملاقيه، إذا انشقت السماء فأنت ملاقيه. وقيل : يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ، على حذف الفاء تقديره : يا أيها الإنسان. وقيل : وَأَذِنَتْ على زيادة الواو وعن الأخفش :
إِذَا السَّماءُ مبتدأ، خبره وَإِذَا الْأَرْضُ على زيادة الواو، والعامل فيها على قول الأكثرين : الجواب إما المحذوف الذي قدروه، وإما الظاهر الذي قيل إنه جواب. قال ابن عطية : وقال بعض النحويين : العامل انشقت، وأبى ذلك كثير من أئمتهم، لأن إذا مضافة إلى انشقت، ومن يجيز ذلك تضعف عنده الإضافة ويقوى معنى الجزاء، انتهى. وهذا