البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٤٣٧
القول نحن نختاره، وقد استدللنا على صحته فيما كتبناه، والتقدير : وقت انشقاق السماء وقت مد الأرض. وقيل : لا جواب لها إذ هي قد نصبت باذكر نصب المفعول به، فليست شرطا.
وَأَذِنَتْ لِرَبِّها : أي في إلقاء ما في بطنها وتخليها. والإنسان : يراد به الجنس، والتقسيم بعد ذلك يدل عليه. وقال مقاتل : المراد به الأسود بن عبد الأسد بن هلال المخزومي، جادل أخاه أبا سلمة في أمر البعث، فقال أبو سلمة : والذي خلقك لتركبن الطبقة ولتوافين العقبة. فقال الأسود فأين : الأرض والسماء وما جال الناس؟ انتهى. وكان مقاتلا يريد أنها نزلت في الأسود، وهي تعم الجنس. وقيل : المراد أبيّ بن خلف، كان يكدح في طلب الدنيا وإيذاء الرسول صلّى اللّه عليه وسلم ولإصرار على الكفر. وأبعد من ذهب إلى أنه الرسول صلّى اللّه عليه وسلم، والمعنى : إنك تكدح في إبلاغ رسالات اللّه تعالى وإرشاد عباده واحتمال الضر من الكفار، فأبشر فإنك تلقى اللّه بهذا العمل، وهو غير ضائع عنده.
إِنَّكَ كادِحٌ : أي جاهد في عملك من خير وشر إلى ربك، أي طول حياتك إلى لقاء ربك، وهو أجل موتك، فَمُلاقِيهِ : أي جزاء كدحك من ثواب وعقاب. قال ابن عطية : فالفاء على هذا عاطفة جملة الكلام على التي قبلها، والتقدير : فأنت ملاقيه، ولا يتعين ما قاله، بل يصح أن يكون معطوفا على كادح عطف المفردات. وقال الجمهور :
الضمير في ملاقيه عائد على ربك، أي فملاقي جزائه، فاسم الفاعل معطوف على اسم الفاعل. حِساباً يَسِيراً قالت عائشة رضي اللّه تعالى عنها : يقرر ذنوبه ثم يتجاوز عنه.
وقال الحسن : يجازي بالحسنة ويتجاوز عن السيئة. وفي الحديث :«من حوسب عذب»، فقالت عائشة : ألم يقل اللّه تعالى فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً؟ فقال عليه الصلاة والسلام :«إنما ذلك العرض، وأما من نوقش الحساب فيهلك».
وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ : أي إلى من أعد اللّه له في الجنة من نساء المؤمنات ومن الحور العين، أو إلى عشيرته المؤمنين، فيخبرهم بخلاصه وسلامته، أو إلى المؤمنين، إذ هم كلهم أهل إيمان. وقرأ زيد بن علي : ويقلب مضارع قلب مبنيا للمفعول.
وَراءَ ظَهْرِهِ : روي أن شماله تدخل من صدره حتى تخرج من وراء ظهره، فيأخذ كتابه بها. قال ابن عطية : وأما من ينفذ عليه الوعيد من عصاتهم، يعني عصاة المؤمنين، فإنه يعطى كتابه عند خروجه من النار. وقد جوز قوم أن يعطاه أولا قبل دخوله النار، وهذه