البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٤٥٥
وفي الحي أحوى ينفض المرد شادن مظاهر سمطي لؤلؤ وزبرجد
وفي الصحاح : الحوة : سمرة، وقال الأعلم : لون يضرب إلى السواد، وقال أيضا :
الشديد الخضرة التي تضرب إلى السواد.
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى، وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى، فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى، سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى، إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى، وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى، فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى، سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى، وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى، الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى، ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى، بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى، إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى، صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى.
هذه السورة مكية. ولما ذكر فيما قبلها فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ «١»، كأن قائلا قال : من خلقه على هذا المثال؟ فقيل : سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ. وأيضا لما قال : إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ «٢»، قيل : هو سَنُقْرِئُكَ، أي ذلك القول الفصل.
سَبِّحِ : نزّه عن النقائص، اسْمَ رَبِّكَ : الظاهر أن التنزيه يقع على الاسم، أي نزهه عن أن يسمى به صنم أو وثن فيقال له رب أو إله، وإذا كان قد أمر بتنزيهه اللفظ أن يطلق على غيره فهو أبلغ، وتنزيه الذات أحرى. وقيل : الاسم هنا بمعنى المسمى. وقيل :
معناه نزّه اسم اللّه عن أن تذكره إلا وأنت خاشع. وقال ابن عباس : المعنى صلّ باسم ربك الأعلى، كما تقول : ابدأ باسم ربك، وحذف حرف الجر. وقيل : لما نزل فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ»
، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :«اجعلوها في ركوعكم». فلما نزل : سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، قال :«اجعلوها في سجودكم». وكانوا يقولون في الركوع : اللهم لك ركعت، وفي السجود : اللهم لك سجدت.
قالوا : الْأَعْلَى يصح أن يكون صفة لربك، وأن يكون صفة لاسم فيكون منصوبا، وهذا الوجه لا يصح أن يعرب الَّذِي خَلَقَ صفة لربك، فيكون في موضع جر لأنه قد حالت بينه وبين الموصوف صفة لغيره. لو قلت : رأيت غلام هند العاقل الحسنة، لم يجز بل لا بد أن تأتي بصفة هند، ثم تأتي بصفة الغلام فتقول : رأيت غلام هند الحسنة العاقل. فإن لم يجعل الذي صفة لربك، بل ترفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف أو تنصبه على المدح، جاز أن يكون الأعلى صفة لاسم.

(١) سورة الطارق : ٨٦/ ٥.
(٢) سورة الطارق : ٨٦/ ١٣. [.....]
(٣) سورة الواقعة : ٥٦/ ٧٤.


الصفحة التالية
Icon