البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٤٩٣
على بيتهم، فيسقط منها الشيء فتأخذه الأيتام، فمنعهم المنافق، فأبى عليه المنافق، فجاء أبو الدحداح وقال : يا رسول اللّه أنا أشتري النخلة التي في الجنة بهذه
وحذف مفعولي أعطى، إذ المقصود الثناء على المعطى دون تعرض للمعطى والعطية. وظاهره بذل المال في واجب ومندوب ومكرمة. وقال قتادة : أعطى حق اللّه. وقال ابن زيد : أنفق ماله في سبيل اللّه. وَاتَّقى، قال ابن عباس : اتقى اللّه. وقال مجاهد : واتقى البخل. وقال قتادة : واتقى ما نهي عنه. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى، صفة تأنيث الأحسن. فقال ابن عباس وعكرمة وجماعة : هي الحلف في الدنيا الوارد به وعد اللّه تعالى. وقال مجاهد والحسن وجماعة : الجنة. وقال جماعة : الثواب. وقال السلمي وغيره : لا إله إلا اللّه.
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى : أي نهيئه للحالة التي هي أيسر عليه وأهون وذلك في الدنيا والآخرة. وقابل أعطى ببخل، واتقى باستغنى، لأنه زهد فيما عند اللّه بقوله : وَاسْتَغْنى، لِلْعُسْرى، وهي الحالة السيئة في الدنيا والآخرة. وقال الزمخشري : فسنخذله ونمنعه الألطاف حتى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشد كقوله : يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً، كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ «١»، إذ سمى طريقة الخير باليسرى لأن عاقبتها اليسر، وطريقة الشر العسرى لأن عاقبتها العسر، أو أراد بهما طريقي الجنة والنار، أي فسنهديهما في الآخرة للطريقين. انتهى، وفي أول كلامه دسيسة الاعتزال. وجاء فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى على سبيل المقابلة لقوله : فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى، والعسرى لا تيسير فيها، وقد يراد بالتيسير التهيئة، وذلك يكون في اليسرى والعسرى. وَما يُغْنِي : يجوز أن تكون ما نافية واستفهامية، أي : وأي شيء يغني عنه ماله؟ وإِذا تَرَدَّى : تفعل من الرّدى، أي هلك، قاله مجاهد، وقال قتادة وأبو صالح : تردى في جهنم : أي سقط من حافاتها. وقال قوم :
تردى بأكفانه، من الردى، وقال مالك بن الذئب :
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي وردا على عينيّ فضل ردائيا
وقال آخر :
نصيبك مما تجمع الدهر كله ردا آن تلوي فيهما وحنوط
إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى : التعريف بالسبيل ومنحهم الإدراك، كما قال تعالى : وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ «٢». وقال الزمخشري : إن الإرشاد إلى الحق واجب علينا بنصب الدلائل
(٢) سورة النحل : ١٦/ ٩.