البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٥٠٩
انتهى. وفي الكشاف، وقال الحسن : هو أمية بن خلف، كان ينهى سلمان عن الصلاة.
وقال التبريزي : المراد بالصلاة هنا صلاة الظهر.
قيل : هي أول جماعة أقيمت في الإسلام، كان معه أبوبكر وعليّ وجماعة من السابقين، فمرّ به أبو طالب ومعه ابنه جعفر، فقال له : صل جناح ابن عمك وانصرف مسرورا، وأنشأ أبو طالب يقول :
إن عليا وجعفرا ثقتي عند ملم الزمان والكرب
واللّه لا أخذل النبي ولا يخذله من يكون من حسبي
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما أخي لأمّي من بينهم وأبي
ففرح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بذلك.
والخطاب في أَرَأَيْتَ الظاهر أنه للرسول صلّى اللّه عليه وسلم، وكذا أَرَأَيْتَ الثاني، والتناسق في الضمائر هو الذي يقتضيه النظم. وقيل : أَرَأَيْتَ خطاب للكافر التفت إلى الكافر فقال : أرأيت يا كافر، إن كانت صلاته هدى ودعاء إلى اللّه وأمرا بالتقوى، أتنهاه مع ذلك؟ والضمير في إِنْ كانَ، وفي إِنْ كَذَّبَ عائد على الناهي.
قال الزمخشري : ومعناه أخبرني عن من ينهى بعض عباد اللّه عن صلاته إن كان ذلك الناهي على طريقة سديدة فيما ينهى عنه من عبادة اللّه، وكان آمرا بالمعروف والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقد، وكذلك إن كان على التكذيب للحق والتولي عن الدّين الصحيح، كما نقول نحن.
أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى، ويطلع على أحواله من هداة وضلالة، فيجازيه على حسب ذلك، وهذا وعيد، انتهى. وقال ابن عطية : الضمير في إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى عائد على المصلي، وقاله الفراء وغيره. قال الفراء : المعنى أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى، وهو على الهدى وآمر بالتقوى، والناهي مكذب متول عن الذكر، أي فما أعجب هذا! ألم يعلم أبو جهل بأن اللّه تعالى يراه ويعلم فعله؟ فهذا تقرير وتوبيخ، انتهى. وقال :
من جعل الضمير في إِنْ كانَ عائدا على المصلي، إنما ضم إلى فعل الصلاة الأمر بالتقوى، لأن أبا جهل كان يشق عليه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أمران : الصلاة والدعاء إلى اللّه تعالى، ولأنه كان صلّى اللّه عليه وسلم لا يوجد إلا في أمرين : إصلاح نفسه بفعل الصلاة، وإصلاح غيره بالأمر بالتقوى. وقال ابن عطية : أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى : إكمال التوبيخ والوعيد بحسب التوفيقات الثلاثة يصلح مع كل واحد منها، يجاء بها في نسق. ثم جاء بالوعيد الكافي بجميعها اختصارا واقتضابا، ومع كل تقرير تكملة مقدرة تتسع العبارات فيها، وألم يعلم دال عليها مغن.