البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٥٦٣
نصر رسوله صلّى اللّه عليه وسلم والمؤمنين على أعدائهم، وفتح مكة وغيرها عليهم، كالطائف ومدن الحجاز وكثير من اليمن. وقيل : نصره صلّى اللّه عليه وسلم على قريش وفتح مكة، وكان فتحها لعشر مضين من رمضان، سنة ثمان، ومعه عليه الصلاة والسلام عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار.
وقرأ الجمهور : يَدْخُلُونَ مبنيا للفاعل وابن كثير في رواية : مبنيا للمفعول.
فِي دِينِ اللَّهِ : في ملة الإسلام الذي لا دين له يضاف غيرها. أَفْواجاً أي جماعات كثيرة، كانت تدخل فيه القبيلة بأسرها بعد ما كانوا يدخلون فيه واحدا بعد واحد، واثنين اثنين.
قال الحسن : لما فتح عليه الصلاة والسلام مكة، أقبلت العرب بعضها على بعض فقالوا : أما الظفر بأهل الحرم فليس به يدان، وقد كان اللّه تعالى أجارهم من أصحاب الفيل. وقال أبو عمر بن عبد البر : لم يمت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وفي العرب رجل كافر، بل دخل الكل في الإسلام بعد حنين. منهم من قدم، ومنهم من قدّم وافده.
قال ابن عطية :
والمراد، واللّه أعلم، العرب عبدة الأوثان. وأما نصارى بني ثعلب فما أراهم أسلموا قط في حياة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم، لكن أعطوا الجزية. وقال مقاتل وعكرمة : المراد بالناس أهل اليمن، وفد منهم سبعمائة رجل. وقال الجمهور : وفود العرب، وكان دخولهم بين فتح مكة وموته صلّى اللّه عليه وسلم. وأَفْواجاً : جمع فوج. قال الحوفي : وقياس جمعه أفوج، ولكن استثقلت الضمة على الواو فعدّل إلى أفواج، كأنه يعني أنه كان ينبغي أن يكون معتل العين كالصحيح. فكما أن قياس فعل صحيحها أن يجمع على أفعل لا على أفعال، فكذلك هذا والأمر في هذا المعتل بالعكس. القياس فيه أفعال، كحوض وأحواض، وشذ فيه أفعل، كثوب وأثوب، وهو حال. ويدخلون حال أو مفعول ثان إن كان أَرَأَيْتَ «١» بمعنى علمت المتعدية لاثنين. وقال الزمخشري : إما على الحال على أن أرأيت بمعنى أبصرت أو عرفت، انتهى. ولا نعلم رأيت جاءت بمعنى عرفت، فنحتاج في ذلك إلى استثبات.
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ : أي ملتبسا بحمده على هذه النعم التي خولكها، من نصرك على الأعداء وفتحك البلاد وإسلام الناس وأي نعمة أعظم من هذه، إذ كل حسنة يعملها المسلمون فهي في ميزانه.
وعن عائشة : كان صلّى اللّه عليه وسلم يكثر قبل موته أن يقول :«سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك