البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٥٧١
وعن ابن عباس، أن اليهود قالوا : يا محمد صف لنا ربك وانسبه، فنزلت.
وعن أبي العالية، قال قادة الأحزاب : انسب لنا ربك، فنزلت.
فإن صح هذا السبب، كان هو ضميرا عائدا على الرب، أي قُلْ هُوَ اللَّهُ أي ربي اللّه، ويكون مبتدأ وخبرا، وأحد خبر ثان.
وقال الزمخشري : وأحد بدل من قوله : اللَّهُ، أو على هو أحد، انتهى. وإن لم يصح السبب، فهو ضمير الأمر، والشان مبتدأ، والجملة بعده مبتدأ وخبر في موضع خبر هو، وأحد بمعنى واحد، أي فرد من جميع جهات الوحدانية، أي في ذاته وصفاته لا يتجزأ.
وهمزة أحد هذا بدل من واو، وإبدال الهمزة مفتوحة من الواو قليل، من ذلك امرأة إناة، يريدون وناة، لأنه من الوني وهو الفتور، كما أن أحدا من الوحدة. وقال ثعلب : بين واحد وأحد فرق، الواحد يدخله العدد والجمع والاثنان، والأحد لا يدخله. يقال : اللّه أحد، ولا يقال : زيد أحد، لأن اللّه خصوصية له الأحد، وزيد تكون منه حالات، انتهى. وما ذكر من أن أحدا لا يدخله ما ذكر منقوض بالعدد. وقرأ أبان بن عثمان، وزيد بن علي، ونصر بن عاصم، وابن سيرين، والحسن، وابن أبي إسحاق، وأبو السمال، وأبو عمرو في رواية يونس، ومحبوب، والأصمعي، واللؤلؤي، وعبيد، وهارون عنه : أَحَدٌ، اللَّهُ بحذف التنوين لالتقائه مع لام التعريف وهو موجود في كلام العرب وأكثر ما يوجد في الشعر نحو قوله :
ولا ذاكرا اللّه إلا قليلا ونحو قوله :
عمرو الذي هشم الثريد لقومه اللَّهُ الصَّمَدُ : مبتدأ وخبر، والأفصح أن تكون هذه جملا مستقلة بالأخبار على سبيل الاستئناف، كما تقول : زيد العالم زيد الشجاع. وقيل : الصمد صفة، والخبر في الجملة بعده، وتقدم شرح الصمد في المفردات. وقال الشعبي، ويمان بن رياب : هو الذي لا يأكل ولا يشرب. وقال أبيّ بن كعب : يفسره ما بعده، وهو قوله : لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وقال الحسن : الصمد : المصمت الذي لا جوف له، ومنه قوله :
شهاب حروب لا تزال جياده عوابس يعلكن الشكيم المصمدا
وفي كتاب التحرير أقوال غير هذه لا تساعد عليها اللغة. وقال ابن الأنباري :
لا خلاف بين أهل اللغة أن الصمد هو السيد الذي ليس فوقه أحد، الذي يصمد إليه الناس