البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٥٩
الحسن. وقال مجاهد : هو أبو الجن، وليس بإبليس. وقيل : الجان اسم جنس، والمارج :
ما اختلط من أصفر وأحمر وأخضر، أو اللهب، أو الخالص، أو الحمرة في طرف النار، أو المختلط بسواد، أو المضطرب بلا دخان، أقوال، ومن الأولى لابتداء الغاية، والثانية في مِنْ نارٍ للتبعيض. وقيل للبيان والتكرار في هذه الفواصل : للتأكيد والتنبيه والتحريك، وهي موجودة في مواضع من القرآن. وذهب قوم منهم ابن قتيبة إلى أن هذا التكرار إنما هو لاختلاف النعم، فكرر التوقيف في كل واحد منها.
وقرأ الجمهور : رَبُّ، ورَبُّ بالرفع، أي هو رب وأبو حيوة وابن أبي عبلة :
بالخفض بدلا من ربكما، وثنى المضاف إليه لأنهما مشرقا الصيف والشتاء ومغرباهما، قاله مجاهد. وقيل : مشرقا الشمس والقمر ومغرباهما. وعن ابن عباس : للشمس مشرق في الصيف مصعد، ومشرق في الشتاء منحدر، تنتقل فيهما مصعدة ومنحدرة. انتهى.
فالمشرقان والمغربان للشمس. وقيل : المشرقان : مطلع الفجر ومطلع الشمس، والمغربان مغرب الشفق ومغرب الشمس. ولسهل التستري كلام في المشرقين والمغربين شبيه بكلام الباطنية المحرفين مدلول كلام اللّه، ضربنا عن ذكره صفحا. وكذلك ما وقفنا عليه من كلام الغلاة الذين ينسبون للصوفية، لأنا لا نستحل نقل شيء منه. وقد أولغ صاحب كتاب التحرير والتحبير بحسب ما قاله هؤلاء الغلاة في كل آية آية، ويسمي ذلك الحقائق، وأرباب القلوب وما ادعوا فهمه في القرآن فأغلوا فيه، لم يفهمه عربي قط، ولا أراده اللّه تعالى بتلك الألفاظ، نعوذ باللّه من ذلك.
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ : تقدم الكلام على ذلك في الفرقان. قال ابن عطية : وذكر الثعلبي في مرج البحرين ألغازا وأقوالا باطنة لا يلتفت إلى شيء منها. انتهى، والظاهر التقاؤهما، أي يتجاوزان، فلا فصل بين الماءين في رؤية العين. وقيل : يلتقيان في كل سنة مرة. وقيل :
معدان للالتقاء، فحقهما أن يلتقيا لو لا البرزخ بينهما. بَرْزَخٌ : أي حاجز من قدرة اللّه تعالى، لا يَبْغِيانِ : لا يتجاوزان حدهما، ولا يبغي أحدهما على الآخر بالممارجة.
وقيل : البرزخ : أجرام الأرض، قاله قتادة وقيل : لا يبغيان : أي على الناس والعمران، وعلى هذا والذي قبله يكون من البغي. وقيل : هو من بغى، أي طلب، فالمعنى : لا يبغيان حالا غير الحال التي خلقا عليها وسخرا لها. وقيل : ماء الأنهار لا يختلط بالماء الملح، بل هو بذاته باق فيه. وقال ابن عطية : والعيان لا يقتضيه. انتهى، يعني أنه يشاهد الماء العذب يختلط بالملح فيبقي كله ملحا، وقد يقال : إنه بالاختلاط تتغير أجرام العذب حتى