البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٦٨
الأفنان جمع فن، وهي ألوان النعم وأنواعها، وهي قول ابن عباس، والأول قال قريبا منه مجاهد وعكرمة، وهو أولى، لأن أفعالا في فعل أكثر منه في فعل بسكون العين، وفن يجمع على فنون.
فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ، قال ابن عباس : هما عينان مثل الدنيا أضعافا مضاعفة.
وقال : تجريان بالزيادة والكرامة على أهل الجنة. وقال الحسن : تجريان بالماء الزلال، إحداهما التسنيم، والأخرى السلسبيل. وقال ابن عطية : إحداهما من ماء، والأخرى من خمر. وقيل : تجريان في الأعالي والأسافل من جبل من مسك. زَوْجانِ، قال ابن عباس : ما في الدنيا من شجرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة، حتى شجر الحنظل، إلا أنه حلو. انتهى. ومعنى زوجان : رطب ويابس، لا يقصر هذا عن ذاك في الطيب واللذة.
وقيل : صنفان، صنف معروف، وصنف غريب. وجاء الفصل بين قوله : ذَواتا أَفْنانٍ وبين قوله : فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ بقوله : فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ. والأفنان عليها الفواكه، لأن الداخل إلى البستان لا يقدم إلا للتفرج بلذة ما فيه بالنظر إلى خضرة الشجر وجري الأنهار، ثم بعد يأخذ في اجتناء الثمار للأكل. وانتصب مُتَّكِئِينَ على الحال من قوله : وَلِمَنْ خافَ، وحمل جمعا على معنى من. وقيل : العامل محذوف، أي يتنعمون متكئين. وقال الزمخشري : أي نصب على المدح، والاتكاء من صفات المتنعم الدالة على صحة الجسم وفراغ القلب، والمعنى : مُتَّكِئِينَ في منازلهم عَلى فُرُشٍ. وقرأ الجمهور : وفرش بضمتين وأبو حيوة : بسكون الراء. وفي الحديث :«قيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه البطائن من إستبرق، كيف الظهائر؟ قال : هي من نور يتلألأ»
ولو صح هذا لم يجز أن يفسر بغيره. وقيل : من سندس. قال الحسن والفراء : البطائن هي الظهائر. وروي عن قتادة، وقال الفراء : قد تكون البطانة الظهارة، والظهارة البطانة، لأن كلا منهما يكون وجها، والعرب تقول : هذا وجه السماء، وهذا بطن السماء.
قوله عز وجل : وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، مُدْهامَّتانِ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ، حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي