البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٨٠
وصفوا بالخلد، وإن كان من في الجنة مخلدا، ليدل على أنهم يبقون دائما في سن الولدان، لا يكبرون ولا يتحولون عن شكل الوصافة. وقال مجاهد : لا يموتون. وقال الفراء : مقرطون بالخلدات، وهي ضروب من الأقراط. وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ، قال : من خمر سائلة جارية معينة. لا يُصَدَّعُونَ عَنْها، قال الأكثرون : لا يلحق رؤوسهم الصداع الذي يلحق من خمر الدنيا. وقرأت على أستاذنا العلامة أبي جعفر بن الزبير، رحمه اللّه تعالى، قول علقمة في صفة الخمر :
تشفي الصداع ولا يؤذيك صالبها ولا يخالطها في الرأس تدويم
فقال : هذه صفة أهل الجنة. وقيل : لا يفرقون عنها بمعنى : لا تقطع عنهم لذتهم بسبب من الأسباب، كما تفرق أهل خمر الدنيا بأنواع من التفريق، كما جاء : فتصدع السحاب عن المدينة : أي فتفرق. وقرأ مجاهد : لا يصدعون، بفتح الياء وشد الصاد، أصله يتصدعون، أدغم التاء في الصاد : أي لا يتفرقون، كقوله : يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ «١».
والجمهور بضم الياء وخفة الصاد والجمهور : بجر وَفاكِهَةٍ ولحم وزيد بن علي :
برفعهما، أي ولهم والجمهور : وَلا يُنْزِفُونَ مبنيا للمفعول. قال مجاهد وقتادة وجبير والضحاك : لا تذهب عقولهم سكرا وابن أبي إسحاق : بفتح الياء وكسر الزاي، نزف البئر : استفرغ ماءها، فالمعنى : لا تفرغ خمرهم. وابن أبي إسحاق أيضا وعبد اللّه والسلمي والجحدري والأعمش وطلحة وعيسى : بضم الياء وكسر الزاي : أي لا يفنى لهم شراب، مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ : يأخذون خيره وأفضله، مِمَّا يَشْتَهُونَ : أي يتمنون.
وقرأ الجمهور : وَحُورٌ عِينٌ
برفعهما وخرج عليّ على أن يكون معطوفا على وِلْدانٌ، أو على الضمير المستكن في مُتَّكِئِينَ، أو على مبتدأ محذوف هو وخبره تقديره : لهم هذا كله، وَحُورٌ عِينٌ، أو على حذف خبر فقط : أي ولهم حور، أو فيهما حور. وقرأ السلمي والحسن وعمرو بن عبيد وأبو جعفر وشيبة والأعمش وطلحة والمفضل وأبان وعصمة والكسائي : بجرهما والنخعي : وحير عين، بقلب الواو ياء وجرهما، والجر عطف على المجرور، أي يطوف عليهم ولدان بكذا وكذا وحور عين. وقيل : هو على معنى : وينعمون بهذا كله وبحور عين. وقال الزمخشري : عطفا على جَنَّاتِ النَّعِيمِ، كأنه قال : هم في جنات وفاكهة ولحم وحور. انتهى، وهذا فيه بعد وتفكيك كلام مرتبط