البحر المحيط، ج ١٠، ص : ٨٧
وعاصم وحمزة : شُرْبَ بضم الشين، وهو مصدر. وقيل : اسم لما يشرب ومجاهد وأبو عثمان النهدي : بكسرها، وهو بمعنى المشروب، اسم لا مصدر، كالطحن والرعي والأعرج وابن المسيب وسبيب بن الحبحاب ومالك بن دينار وابن جريج وباقي السبعة :
بفتحها، وهو مصدر مقيس. والهيم، قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والضحاك : جمع أهيم، وهو الجمل الذي أصابه الهيام، وقد فسرناه في المفردات. وقيل : جمع هيماء.
وقيل : جمع هائم وهائمة، وجمع فاعل على فعل شاذ، كباذل وبذل، وعائد وعوذ والهائم أيضا من الهيام. ألا ترى أن الجمل أذا أصابه ذلك هام على وجهه وذهب؟ وقال ابن عباس وسفيان : لهيم : الرمال التي لا تروى من الماء، وتقدم الخلاف في مفرده، أهو الهيام بفتح الهاء، أم بالضم؟ والمعنى : أنه يسلط عليهم من الجوع ما يضطرهم إلى أكل الزقوم الذي كالمهل، فإذا ملأوا منه البطون، سلط عليهم من العطش ما يضطرهم إلى شرب الحميم الذي يقطع أمعاهم، فيشربونه شرب الهيم، قاله الزمخشري.
وقال أيضا : فإن قلت : كيف صح عطف الشاربين على الشاربين، وهما لذوات متفقة وصفتان متفقتان، فكان عطفا للشيء على نفسه؟ قلت : ليستا بمتفقتين من حيث أن كونهم شاربين للحميم على ما هو عليه من تناهي الحرارة، وقطع الأمعاء أمر عجيب، وشربهم له على ذلك، كما تشرب الهيم الماء، أمر عجيب أيضا فكانتا صفتين مختلفتين. انتهى. والفاء تقتضي التعقيب في الشربين، وأنهم أولا لما عطشوا شربوا من الحميم ظنا أنه يسكن عطشهم، فازداد العطش بحرارة الحميم، فشربوا بعده شربا لا يقع به ريّ أبدا، وهو مثل شرب الهيم، فهما شربان من الحميم لا شرب واحد، اختلفت صفتاه فعطف، والمقصود الصفة. والمشروب منه في فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ محذوف لفهم المعنى تقديره : فشاربون منه شرب الهيم. وقرأ الجمهور : نُزُلُهُمْ بضم الزاي.
وقرأ ابن محيصن وخارجة، عن نافع ونعيم ومحبوب وأبو زيد وهارون وعصمة وعباس، كلهم عن أبي عمرو : بالسكون، وهو أول ما يأكله الضيف، وفيه تهكم بالكفار، وقال الشاعر :
وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا جعلنا القنا والمرهفات له نزلا
يَوْمَ الدِّينِ : أي يوم الجزاء. نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ بالإعادة وتقرون بها، كما أقررتم بالنشأة الأولى، وهي خلقهم. ثم قال : فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ بالإعادة وتقرون


الصفحة التالية
Icon