البحر المحيط، ج ٢، ص : ١٣٦
وقول من أعاده على اللّه تعالى أبعد، لأنه أعاده على لفظ بعيد مع حسن عوده على لفظ قريب، وفي هذه الأوجه الثلاثة يكون المصدر مضافا للفاعل، وهو أيضا بعيد.
قال ابن عطية : ويجىء قوله عَلى حُبِّه ِ
اعتراضا بليغا أثناء القول انتهى كلامه.
فإن كان أراد بالاعتراض المصطلح عليه في النحو فليس كذلك، لأن شرط ذلك أن تكون جملة، وأن لا يكون لها محل من الإعراب، وهذه ليست بجملة، ولها محل من الإعراب. وإن أراد بالاعتراض فصلا بين المفعولين بالحال فيصح، لكن فيه إلباس، فكان ينبغي أن يقول فصلا بليغا بين أثناء القول.
ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ أما ذوو القربى فالأولى حملها على العموم، وهو : من تقرب إليك بولادة، ولا وجه لقصر ذلك على الرحم المحرم، كما ذهب إليه قوم، لأن الحرم حكم شرعي، وأما القرابة فهي لفظة لغوية موضوعة للقرابة في النسب، وإن كان من يطلق عليه ذلك يتفاوت في القرب والبعد. وقد رويت أحاديث كثيرة في صلة القرابة، وقد تقدم لنا الكلام على ذوي القربى، واليتامى، والمساكين، في قوله وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً «١» فاغنى عن إعادته.
ذَوِي الْقُرْبى وما بعده من المعطوفات هو المفعول الأول على مذهب الجمهور، الْمالَ هو المفعول الثاني.
ولما كان المقصود الأعظم هو إيتاء المال على حبه قدّم المفعول الثاني اعتناء به لهذا المعنى.
وأما على مذهب السهيلي فإن الْمالَ عنده هو المفعول الأول، وذَوِي الْقُرْبى وما بعده هو المفعول الثاني، فأتى التقديم على أصله عنده. والْيَتامى معطوف على ذَوِي الْقُرْبى حمله بعضهم على حذف أي ذوي اليتامى، قال : لأنه لا يحسن من المتصدق أن يدفع المال إلى اليتيم الذي لا يميز ولا يعرف وجوه منافعه، ومتى فعل ذلك أخطأ، فإن كان مراهقا عارفا بمواقع حقه، والصدقة تؤكل أو تلبس، جاز دفعها إليه، وهذا على قول من خص اليتيم بغير البالغ، وأما من البالغ والصغير عنده ينطلق عليها يتيم، فيدفع للبالغ ولوليّ الصغير. انتهى.

_
(١) سورة البقرة : ٢/ ٨٣.


الصفحة التالية
Icon