البحر المحيط، ج ٢، ص : ١٤٠
عن وقت المعاهدة، وقد تقدم الكلام على الإيفاء والعهد في قوله : وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ «١» وفي مصحف عبد اللّه : والموفين، نصبا على المدح.
وقرأ الجحدري : بعهودهم على الجمع.
وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ : انتصب : والصابرين على المدح، والقطع إلى الرفع أو النصب في صفات المدح والذم والترحم، وعطف الصفات بعضها على بعض مذكور في علم النحو.
وقرأ الحسن، والأعمش، ويعقوب : والصابرون، عطفا على : الموفون، وقال الفارسي : إذا ذكرت الصفات الكثيرة في معرض المدح والذم، والأحسن أن تخالف بإعرابها ولا تجعل كلها جارية على موصوفها، لأن هذا الموضع من موضع الإطناب في الوصف والإبلاغ في القول، فإذا خولف بإعراب الأوصاف كان المقصود أكمل، لأن الكلام عند الإختلاف يصير كأنه أنواع من الكلام، وضروب من البيان، وعند الاتحاد في الإعراب يكون وجها واحدا أو جملة واحدة. انتهى كلامه.
قال الراغب : وإنما لم يقل : ووفى، كما قال : وأقام، لأمرين : أحدهما :
اللفظ، وهو أن الصلة متى طالت كان الأحسن أن يعطف على الموصول دون الصلة لئلا يطول ويقبح، والثاني : أنه ذكر في الأول ما هو داخل في حيز الشريعة، وغير مستفاد إلّا منها، والحكمة العقلية تقتضي العدالة دون الجور، ولما ذكر الوفاء بالعهد، وهو مما تقضي به العقود المجردة، صار عطفه على الأول أحسن، ولما كان الصبر من وجه مبدأ الفضائل، ومن وجه جامعا للفضائل، إذ لا فضيلة إلّا وللصبر فيها أثر بليغ، غيرّ إعرابه تنبيها على هذا المقصد. انتهى كلامه.
واتفقوا على تفسير قوله حِينَ الْبَأْسِ أنه : حالة القتال.
واختلف المفسرون في : البأساء والضراء، فأكثرهم على أن البأساء هو الفقر وان الضراء الزمانة في الجسد، وإن اختلفت عبارتهم في ذلك، وهو قول ابن مسعود، وقتادة، والربيع، والضحاك.
وقيل : البأساء : القتال، والضراء : الحصار، ذكره الماوردي. وهذا من باب الترقي
(١) سورة البقرة : ٢/ ٤٠.