البحر المحيط، ج ٢، ص : ٢٧٩
لا تقع، وما روي عن عمر وابنه عبد اللّه أن العمرة لا تستحب فيها، فكأن هذه الأشهر مخلصة للحج.
وروي أن عمر كان يخفق الناس بالدرّة، وينهاهم عن الاعتمار فيهن، وعن ابن عمر أنه قال لرجل : إن أطلقني انتظرت، حتى إذا أهللت المحرم خرجت إلى ذات عرق فأهللت منها بعمرة.
ومعنى : معلومات، معروفات عند الناس، وأن مشروعية الحج فيها إنما جاءت على ما عرفوه وكان مقررا عندهم.
فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ أي : من ألزم نفسه الحج فيهن، وأصل الفرض الحر الذي يكون في السهام والقسي وغيرها، ومنه فرضة النهر والجبل، والمراد بهذا الغرض ما يصير به المحرم محرما، قال ابن مسعود : وهو الإهلال بالحج والإحرام، وقال عطاء، وطاووس : هو أن يلبي، وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين رحمهم اللّه، وهي رواية شريك عن ابن عباس : إن فرض الحج بالتلبية.
وروي عن عائشة : لا إحرام إلّا لمن أهلّ ولبىّ، وأخذ به أبو حنيفة وأصحابه، وابن حبيب، وقالوا، هم وأهل الظاهر : إنها ركن من أركان الحج.
وقال أبو حنيفة وأصحابه : إذا قلد بدنته وساقها يريد الإحرام. فقد أحرم، قول هذا على أن مذهبه وجوب التلبية، أو ما قام مقامها من الدم، وروي عن ابن عمر : إذا قلد بدنته وساقها فقد أحرم، وروي عن علي، وقيس بن سعد، وابن عباس، وطاووس، وعطاء، ومجاهد، والشعبي، وابن سيرين، وجابر بن زيد، وابن جبير : أنه لا يكون محرما بذلك
، وقال ابن عباس، وقتادة، والحسن : فرض الحج الإحرام به، وبه قال الشافعي.
وهذه الأقوال كلها مع اشتراط النية. وملخص ذلك أنه يكون محرما بالنية، والإحرام عند مالك، والشافعي، وبالنية والتلبية أو سوق الهدي عند أبي حنيفة، أو النية وإشعار الهدي أو تقليده عند جماعة من العلماء.
و : من، شرطية أو موصولة، و : فيهن، متعلق بفرض، والضمير عائد على : أشهر، ولم يقل : فيها، لأن أشهرا جمع قلة، وهو جار على الكثير المستعمل من أن جمع القلة لما لا يعقل يجري مجرى الجمع مطلقا للعاقلات على الكثير المستعمل أيضا، وقال قوم : هما سواء في الاستعمال.