البحر المحيط، ج ٢، ص : ٣٣٠
أكرّ عليهم دعلجا ولبانه لأن الإفساد شامل يدخل تحته إهلاك الحرث والنسل، ولكنه خصهما بالذكر لأنهما أعظم ما يحتاج إليه في عمارة الدنيا، فكان إفسادهما غاية الإفساد.
من فسر الإفساد بالتخريب، جعل هذا من باب التفصيل بعد الإجمال.
و : يهلك الحرث والنسل، تقدم ذكر الحرث في قوله : وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ «١» وتقدم ذكر النسل في الكلام على المفردات، وعلى ما تقدم من أن الآية في الأخنس، يكون الحرث الزرع، والنسل الحمر التي قتلها، فيكون النسل المراد به الدواب ذوات النسل. وقيل : المراد هنا بالحرث هنا النساء، وبالنسل الأولاد، وقال تعالى : نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ «٢» وذكره ابن عطية عن الزجاج احتمالا، فيكون من الكناية، وهو من ضروب البيان.
وقرأ الجمهور : ويهلك، من أهلك. عطفا على : ليفسد، وقرأ أبي : وليهلك، بإظهار لام العلة، وقرأ قوم : ويهلك، من أهلك، وبرفع الكاف. وخرج على أن يكون عطفا على قوله : يعجبك، أو على : سعى، لأنه في معنى : يسعى، وأما على الاستئناف، أو على إضمار مبتدأ، أي : وهو يهلك.
وقرأ الحسن، وابن أبي إسحاق، وأبو حيوة، وابن محيصن : ويهلك من هلك، وبرفع الكاف، والحرث والنسل على الفاعلية، وكذلك رواه حماد بن سلمة عن ابن كثير، وعبد الوارث عن أبي عمرو، وحكى المهدوي أن الذي رواه حماد عن ابن كثير، إنما هو :
ويهلك من أهلك، وبضم الكاف، الحرث بالنصب.
وقرأ قوم : ويهلك من هلك، وبفتح اللام، ورفع الكاف ورفع الحرث، وهي لغة شاذة نحو : ركن يركن، ونسب هذه القراءة إلى الحسن الزمخشري.
قال الزمخشري : وروي عنه، يعنى عن الحسن، ويهلك مبنيا للمفعول، فيكون في هذه اللفظة ست قراءات : ويهلك وليهلك ويهلك، وما بعد هذه الثلاثة منصوب، لأن في الفعل ضمير الفاعل، ويهلك ويهلك ويهلك، وما بعد هذه الثلاثة مرفوع بالفعل، وهذه

_
(١) سورة البقرة : ٢/ ٧١.
(٢) سورة البقرة : ٢/ ٢٢٣.


الصفحة التالية
Icon