البحر المحيط، ج ٢، ص : ٤٠٦
خطأ، لأن كلا من القراءتين كلام اللّه تعالى، فلا يجوز تفضيل شيء منه على شيء من قبل أنفسنا، إذ كله كلام اللّه تعالى.
وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما في مصحف عبد اللّه وقراءته : أكثر، بالثاء كما في مصحفه : كثير، بالثاء المثلثة فيهما.
قال الزمخشري : وعقاب الإثم في تعاطيهما أكبر من نفعهما، وهو الالتذاذ بشرب الخمر، والقمار، والطرب فيهما، والتوصل بهما إلى مصادقات الفتيان ومعاشراتهم، والنيل من مطاعمهم ومشاربهم وأعطياتهم، وسلب الأموال بالقمار، والافتخار على الأبرام وفي قراءة أبي : وإثمهما أقرب، ومعنى الكثرة أن : أصحاب الشرب والقمار يقترفون فيهما الآثام من وجوه كثيرة. انتهى كلام الزمخشري.
وقال ابن عباس، وسعيد بن جبير، والضحاك، ومقاتل : إثمهما بعد التحريم أكبر من نفعهما قبل التحريم، وقيل : أكبر، لأن عقابه باق مستمر والمنافع زائلة، والباقي أكبر من الفاني.
وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ تقدّم هذا السؤال وأجيبوا هنا بذكر الكمية والمقدار، والسائل في هذه الآية، قيل : هو عمرو بن الجموح، وقيل : المؤمنون وهو الظاهر من واو الجمع.
والنفقة هنا قيل : في الجهاد، وقيل : في الصدقات، والقائلون في الصدقات، قيل :
في التطوع وهو قول الجمهور، وقيل : في الواجب، والقائلون في الواجب، قيل : هي الزكاة المفروضة، وجاء ذكرها هنا مجملا، وفصلتها السنة. وقيل كان واجبا عليهم قبل فرض الزكاة أن ينفقوا ما فضل من مكاسبهم عن ما يكفيهم في عامهم، ثم نسخ ذلك بآية الزكاة.
والعفو : ما فضل عن الأهل والمال، قاله ابن عباس، أو اليسير السهل الذي لا يجحف بالمال قاله طاووس، أو الوسط الذي لا سرف فيه ولا تقصير، قاله الحسن، أو : الطيب الأفضل، قاله الربيع، أو : الكثير، من قوله حَتَّى عَفَوْا «١» أي : كثروا، قال الشاعر :
ولكنا يعض السيف منها بأسوق عافيات اللحم كوم

_
(١) سورة الأعراف : ٧/ ٩٥.


الصفحة التالية
Icon