البحر المحيط، ج ٢، ص : ٤٩٤
أن تنكح بغير ولي، لأنه لو كان له حق لما نهى عنه، فلا يستدل بالنهي على إثبات الحق، وظاهره العقد.
وظاهر الآية إذا كان الخطاب في : فلا تعضلوهنّ، للأولياء النهي عن مطلق العضل، فيتحقق بعضلها عن خاطب واحد، وقال مالك : إذا منعها من خاطب أو خاطبين لا يكون بذلك عاضلا.
وقال أبو حنيفة : الثيب تزوّج نفسها وتستوفي المهر ولا اعتراض للوليّ عليها.
وهو قول زفر وإن كان غير كفء جاز، وللأولياء أن يفرّقوا بينهما. وعلى جواز النكاح بغير وليّ : ابن سيرين، والشعبي، والزهري، وقتادة. وقال أبو يوسف : إن سلم الولي نكاحها جاز وإلّا فلا، إلّا إن كان كفؤا فيجيزه القاضي إن أبى الولي أن يسلم، وهو قول محمد. وروي عن أبي يوسف غير هذا.
وقال الأوزاعي : إذا ولت أمرها رجلا، وكان الزوج كفؤا، فالنكاح جائز، وليس للولي أن يفرّق بينهما. وقال ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والثوري، والحسن بن صالح : لا يجوز النكاح إلّا بولي، وهو مذهب الشافعي. وقال الليث : تزوّج نفسها بغير ولي. وقال ابن القاسم، عن مالك : إذا كانت معتقة، أو مسكينة، أو دنيئة، فلا بأس أن تستخلف رجلا يزوّجها، وللأولياء فسخ ذلك قبل الدخول، وعنه خلاف بعد الدخول، وإن كانت ذات غنى فلا يجوز أن يزوّجها إلّا الولي أو السلطان، وحجج هذه المذاهب في كتب الفقه.
إِذا تَراضَوْا : الضمير عائد على الخطاب والنساء، وغلب المذكر، فجاء الضمير بالواو، ومن جعل للأولياء ذكرا في الآية قالوا : احتمل أن يعود على الأولياء والأزواج.
والعامل في : إذا، ينكحن.
بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ الضمير في : بينهم، ظرف مجازي ناصبه : تراضوا، بالمعروف : ظاهره أنه متعلق بتراضوا، وفسر بأنه ما يحسن من الدين والمروءة في الشرائط، وقيل : مهر المثل، وقيل : المهر والإشهاد. ويجوز أن يتعلق : بالمعروف، بينكحن، لا : بتراضوا، ولا يعتقد أن ذلك من الفصل بين العامل والمعمول الذي لا ينتفي، بل هو من الفصل الفصيح، لأنه فصل بمعمول الفعل، وهو قوله : إِذا تَراضَوْا فإذا منصوب بقوله : أَنْ يَنْكِحْنَ و : بالمعروف، متعلق به، فكلاهما معمول للفعل.


الصفحة التالية
Icon