البحر المحيط، ج ٢، ص : ٥٢٢
يحتمله اللقاء، وإن من أحواله المواجهة بالشر، ولا يحتاج لكن إلى جملة محذوفة قبلها، لكن يحتاج ما بعد : لكن، إلى وقوع ما قبله من حيث المعنى لا من حيث اللفظ، لأن نفي المواجهة بالشر يستدعي وقوع اللقاء.
قال الزمخشري، فإن قلت، أين المستدرك بقوله : وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ. قلت، هو محذوف لدلالة : سَتَذْكُرُونَهُنَّ عليه عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ فاذكروهن وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا انتهى كلامه.
وقد ذكرنا أنه لا يحتاج إلى تقدير محذوف قبل لكن، بل الاستدراك جاء من قبل قوله : ستذكرونهن، ولم يأمر اللّه تعالى بذكر النساء، لا على طريق الوجوب، ولا الندب، فيحتاج إلى تقدير : فاذكروهن، على ما قررناه قبل قولك : سألقاك ولكن لا تخف مني، لما كان اللقاء من بعض أحواله أن يخاف من الملقي استدرك فقال : ولكن لا تخف مني.
والسر ضد الجهر، ويكنى به عن الجماع حلاله وحرامه، لكنه في سر، وقد يعبر به عن العقد، لأنه سبب فيه، وقد فسر : السر، هنا : بالزنا الحسن، وجابر بن زيد، وأبو مجلز، والضحاك، والنخعي. ومما جاء : السر، في الوطء الحرام، قوله الحطيئة :
ويحرم سر جارتهم عليهم ويأكل جارهم أنف القصاع
وقال الأعشى :
ولا تقربن جارة إنّ سرها عليك حرام فانكحن أو تأبدا
وقال ابن جبير : السر، هنا النكاح. وقال ابن زيد معنى ذلك : لا تنكحوهن وتكتمون ذلك، فإذا حلت أظهرتموه ودخلتم بهن، فسمى العقد عليهن مواعدة، وهذا ينبو عنه لفظ المواعدة.
قال بعضهم : جماعا وهو أن يقول لها : إن نكحتك كان كيت وكيت، يريد ما يجري بينهما تحت اللحاف. وقال ابن عباس، وابن جبير أيضا، والشعبي، ومجاهد، وعكرمة، والسدي، ومالك، وأصحابه، والجمهور : المعنى : لا توافقوهن المواعدة والتوثق وأخذ العهود في استسرار منكم وخفية.
فعلى هذا القول، والقول الذي قبله، ينتصب، سرا، على الحال، أي : مستسرين.
وعلى القولين الأولين ينتصب على المفعول، وإذا انتصب على الحال كان مفعول :