البحر المحيط، ج ٢، ص : ٥٦٦
ذا، قال : لأن : ما، أشد إبهاما من : من، إذا كانت : من، لمن يعقل. وأصحابنا يجيزون تركيب : من، مع : ذا، في الاستفهام وتصيرهما كاسم واحد، كما يجيزون ذلك في : ما، و : ذا، فيجيزون في : من ذا عندك، أن يكون : من وذا، بمنزلة اسم الاستفهام.
وانتصب لفظ الجلالة : بيقرض، وهو على حذف مضاف أي : عباد اللّه المحاويج، أسند الاستقراض إلى اللّه وهو المنزه عن الحاجات، ترغيبا في الصدقة، كما أضاف الإحسان إلى المريض والجائع والعطشان إلى نفسه تعالى
في قوله، جل وعلا :«يا ابن آدم مرضت فلم تعدني واستطعمتك فلم تطعمني واستسقيتك فلم تسقني». الحديث خرجه مسلم، والبخاري.
وانتصب : قرضا، على المصدر الجاري على غير الصدر، فكأنه قيل : إقراضا، أو على أنه مفعول به، فيكون بمعنى : مقروض، أي : قطعة من المال، كالخلق بمعنى المخلوق.
وانتصب : حسنا، على أن يكون صفة لقوله : قرضا، وهو الظاهر، أو على أن يكون نعتا لمصدر محذوف إذا أعربنا قرضا مفعولا به، أي : إقراضا حسنا، ووصفه بالحسن لكونه طيب النية خالصا للّه، قاله ابن المبارك. أو، لكونه يحتسب عند اللّه ثوابه، أو : لكونه جيدا كثيرا، أو : لكونه بلا منّ ولا أذى، قاله عمرو بن عثمان، أو : لكونه لا يطلب به عوضا، قاله سهيل بن عبد اللّه القشيري التستري.
وقرأ ابن كثير، وابن عامر : فيضعفه، بالتشديد من ضعف، والباقون : فيضاعفه، من ضاعف، وقد تقدم أنهما بمعنى. وقيل : معناهما مختلف، وقد ذكرنا ذلك عند الكلام على المفردات.
وقرأ ابن عامر، وعاصم، بنصب الفاء، والباقون بالرفع على العطف على صلة الذي، وهو قوله : يقرض، أو على الاستئناف، أي : فهو يضاعفه، والأول أحسن، لأنه لا حذف فيه، والنصب على أن يكون جوابا للاستفهام على المعنى، لأن الاستفهام، وإن كان عن المقرض، فهو عن الإقراض في المعنى فكأنه قيل : أيقرض اللّه أحد فيضاعفه؟
وقال أبو علي : الرفع أحسن، وذهب بعض النحويين إلى أنه : إذا كان الاستفهام عن المسند إليه الحكم، لا عن الحكم، فلا يجوز النصب بإضمار أن بعد الفاء في الجواب، فهو محجوج بهذه القراءة المتواترة، وقد جاء
في الحديث :«من يدعوني فأستجيب له، من يستغفرني فأغفر له»
. وكذلك سائر أدوات الاستفهام الاسمية والحرفية.