البحر المحيط، ج ٢، ص : ٥٧١
الإناث، نحو : عسيت، وعسين، وذلك على سبيل الجواز لا الوجوب، ويفتح فيما سوى ذلك على سبيل الوجوب، ولا يسوغ الكسر نحو : عسى زيد والزيدان عسيا، والزيدون عسوا، والهندان عسيا، وعساك، وعساني، وعساه. وقاله أبو بكر الأدفوي وغيره : إن أهل الحجاز يكسرون السين من عسى مع المضمر خاصة، وإذا قيل : عسى زيد فليس إلّا الفتح، وينبغي أن يقيد المضمر بما ذكرناه. وقال أبو عبيد : لو كان عسيتم بكسر السين لقرىء : عسي ربكم وهذا جهل من أبي عبيد بهذه اللغة، ودخول : هل، على : عسيتم، دليل على أن عسى فعل خبري لا إنشائي، والمشهور أن عسى إنشاء لأنه ترج، فهي نظيرة لعل، ولذلك لا يجوز أن يقع صلة للموصول، لا يجوز أن تقول : جاءني الذي عسى أن يحسن إليّ! وقد خالف في هذه المسألة هشام فأجاز وصل الموصول بها، ووقوعها خبرا لأن، دليل على أنها فعل خبري، وهو جائز. قال الراجز :
لا تلحني إنى عسيت صائما إلّا إن قيل : إن ذلك على إضمار القول، كما قيل في قوله :
إن الذين قتلتم أمس سيدهم لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما
لأن : إن وأخواتها لا يجوز أن تقع خبرا لها من الجمل، إلّا الجمل الخبرية، وهي التي تحتمل الصدق والكذب، هذا على الصحيح، وفي ذلك خلاف ضعيف.
وجواب الشرط الذي هو : إن كتب عليكم القتال، محذوف للدلالة عليه، وتوسط الشرط بين أجزاء الدليل على حذفه، كما توسط في قوله : وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ «١» وخبر عسيتم : أن لا تقاتلوا، هذا على المشهور أنها تدخل على المبتدأ والخبر، فيكون : أن، زيدت في الخبر، إذ : عسى للتراخي، ومن ذهب إلى أن : عسى، يتعدّى إلى مفعول، جعل : أن لا تقاتلوا، هو المفعول، و : أن، مصدرية، والواو في :
وما لنا، لربط هذا الكلام بما قبله، ولو حذف لجاز أن يكون منقطعا عنه، وهو استفهام في اللفظ وانكار في المعنى، و : أن لا نقاتل، أي : في ترك القتال، حذف الجر المتعلق بما تعلق به : لنا، الواقع خبرا لما الاستفهامية إذ هي مبتدأ، و : أن لا نقاتل، في موضع نصب، أو : في موضع جر على الخلاف الذي بين سيبويه والخليل و : ذهب أبو الحسن إلى أنّ : أن، زائدة، وعملت النصب كما عمل باء الجر الزائد الجر، والجملة حال، أي :
(١) سورة البقرة : ٢/ ٧٠. [.....]