البحر المحيط، ج ٢، ص : ٥٨٥
وقال ابن عباس : إن التابوت والعصا في بحيرة طبرية يخرجان قبل يوم القيامة، وقيل :
عند نزول عيسى على نبينا وعليه السلام.
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قيل : الإشارة إلى التابوت، والأحسن أن يعود على الإتيان أي : إتيان التابوت على الوصف المذكور ليناسب أول الآية آخرها، لأن أولها إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ والمعنى لآية لكم على ملكه واختياره لكم، وقيل :
علامة لكم على نصركم على عدوّكم، لأنهم كانوا يستنصرون بالتابوت أينما توجهوا، فينصرون.
و : إن، قيل على حالها من وضعها للشرط. أي : ذلك آية لكم على تقدير إيمانكم لأنهم قيل : صاروا كفرة بإنكارهم على نبيهم. وقيل : إن كان من شأنكم وهممكم الإيمان بما تقوم به الحجة عليكم، وقيل : إن كنتم مصدّقين بأن اللّه قد جعل لكم طالوت ملكا.
وقيل : مصدّقين بأن وعد اللّه حق. وقيل : إن، بمعنى : إذ، ولم يسألوا تكذيبا لنبيهم، وإنما سألوا تعرفا لوجه الحكمة، والسؤال عن الكيفية لا يكون إنكارا كليا.
فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ بين هذه الجملة والجملة قبلها محذوف تقديره :
فجاءهم التابوت، وأقروا له بالملك، وتأهبوا للخروج، فلما فصل طالوت، أي : انفصل من مكان إقامته، يقال : فصل عن الموضع انفصل، وجاوزه. قيل : وأصله فصل نفسه، ثم كثر، فحذف المفعول حتى صار في حكم غير المتعدّي : كانفصل، والباء في، بالجنود، للحال، أي : والجنود مصاحبوه، وكان عددهم سبعين ألفا، قاله ابن عباس. أو ثمانين ألفا قاله عكرمة. أو مائة ألف، قاله مقاتل. أو ثلاثين ألفا.
قال عكرمة : لما رأى بنو إسرائيل التابوت سارعوا إلى طاعته والخروج معه، فقال لهم طالوت : لا يخرج معي من بنى بناء لم يفرغ منه، ولا من تزوّج امرأة لم يدخل بها، ولا صاحب زرع لم يحصده، ولا صاحب تجارة لم يرحل بها، ولا من له أو عليه دين، ولا كبير، ولا عليل. فخرج معه من تقدّم الاختلاف في عددهم على شرطه، فسار بهم، فشكوا قلة الماء وخوف العطش، وكان الوقت قيظا، وسلكوا مفازة، فسألوا اللّه أن يجري لهم نهرا.
قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ قال وهب : هو الذي اقترحوه. وقال ابن عباس، وقتادة :
هو نهر بين الأردن وفلسطين. وقيل : نهر فلسطين، قاله السدّي، وابن عباس، أيضا.


الصفحة التالية
Icon