البحر المحيط، ج ٢، ص : ٦١٠
وفائدة تكرار : لا، في قوله : ولا نوم، انتفاؤهما على كل حال، إذ لو أسقطت، لا : لا، احتمل انتفاؤهما بقيد الاجتماع، تقول : ما قام زيد وعمرو، بل أحدهما، ولا يقال :
ما قام زيد ولا عمرو، بل أحدهما.
وتقدّم قول من جعل هذه الجملة خبرا لقوله : الحي، على أن يكون : الحي، مبتدأ، ويجوز أن يكون خبرا عن اللّه، فيكون قد أخبره بعده إخبارا، على مذهب من يجيز ذلك، وجوّز أبو البقاء أن تكون الجملة في موضع الحال من الضمير المستكن في القيوم، أي :
قيوم بأمر الخلق غير غافل.
لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يصح أن يكون خبرا بعد خبر، ويصح أن يكون استئناف خبر، كما يصح ذلك في الجملة التي قبلها. و : ما، للعموم تشمل كل موجود، و : اللام، للملك أخبر تعالى أن مظروف السموات والأرض ملك له تعالى، وكرر : ما، للتوكيد. وكان ذكر المظروف هنا دون ذكر الظرف، لأن المقصود نفي الإلهية عن غير اللّه تعالى، وأنه لا ينبغي أن يعبد غيره، لأن ما عبد من دون اللّه من الأجرام النيرة التي في السموات : كالشمس، والقمر، والشعرى والأشخاص الأرضية : كالأصنام، وبعض بني آدم، كل منهم ملك للّه تعالى، مربوب مخلوق.
وتقدّم أنه تعالى خالق السموات والأرض، فلم يذكرهما كونه مالكا لهما استغناء بما تقدّم.
مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ كان المشركون يزعمون أن الأصنام تشفع لهم عند اللّه، وكانوا يقولون : إنما نعبدهم ليقرّبونا إلى اللّه زلفى. وفي هذه الآية أعظم دليل على ملكوت اللّه، وعظم كبريائه، بحيث لا يمكن أن يقدم أحد على الشفاعة عنده إلّا بإذن منه تعالى، كما قال تعالى : لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ «١» ودلت الآية على وجود الشفاعة بإذنه تعالى، والإذن هنا معناه الأمر، كما
ورد : اشفع تشفع
، أو العلم أو التمكين إن شفع أحد بلا أمر.
و : من، رفع على الابتداء، وهو استفهام في معنى النفي، ولذلك دخلت : إلّا، في قوله : إلا بإذنه، وخبر المبتدأ قالوا : ذا، ويكون : الذي، نعتا لذا، أو بدلا منه، وعلى هذا

_
(١) سورة النبأ : ٧٨/ ٣٨. [.....]


الصفحة التالية
Icon