البحر المحيط، ج ٢، ص : ٦٤١
القول في موضع خفض بالظرف، ولم يذكر النحويون في مثل هذا الباب : لو جاء قتلت زيدا، ولا : متى جاء قتلت زيدا، ولا : إذا جاء ضربت خالدا. ولذلك حكى النحويون أن العرب لا تقول : أكرمت أهنت زيدا.
وقد ناقض الزمخشري في قوله : فإنه قال : وفاعل تبين مضمر، ثم قدره، فلما تبين له أن اللّه على كل شيء قدير قال أعلم... إلى آخره، قال : فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، كما في قولهم : ضربني وضربت زيدا، والحذف ينافي الإضمار للفاعل، وهذا عند البصريين إضمار يفسره ما بعده، ولا يجيز البصريون في مثل هذا الباب حذف الفاعل أصلا، فإن كان أراد بالإضمار الحذف فقد خرج إلى قول الكسائي من أن الفاعل في هذا الباب لا يضمر، لأنه يؤدي إلى الإضمار قبل الذكر، بل يحذف عنده الفاعل، والسماع يرد عليه. قال الشاعر :
هويتني وهويت الخرد العربا أزمان كنت منوطا بي هوى وصبا
وأما على قراءة ابن عباس فالجار والمجرور هو المفعول الذي لم يسم فاعله، وأما في قراءة ابن السميفع فهو مضمر : أي : بين له هو، أي : كيفية الإحياء.
وقرأ الجمهور : قال، مبنيا للفاعل، على قراءة جمهور السبعة : أعلم، مضارعا ضميره يعود على المارّ، وقال ذلك على سبيل الاعتبار، كما أن الإنسان إذا رأى شيئا غريبا قال : لا إله إلا اللّه.
وقال أبو علي : معناه أعلم هذا الضرب من العلم الذي لم أكن علمته، يعني يعلم عيانا ما كان يعلمه غيبا. وأما على قراءة أبي رجاء، وحمزة، والكسائي اعلم، فعل أمر من علم، فالفاعل ضمير يعود على اللّه تعالى، أو على الملك القائل له عن اللّه، ويناسب هذا الوجه الأوامر السابقة من قوله : وانظر، فقال له : اعلم، ويؤيده قراءة عبد اللّه والأعمش :
قيل، اعلم، فبنى : قيل، لما لم يسم فاعله، والمفعول الذي لم يسم فاعله ضمير القول لا الجملة، وقد تقدّم الكلام على ذلك أول هذه السورة مشبعا فأغنى عن إعادته هنا.
وجوّزوا أن يكون الفاعل ضمير المار، ويكون نزل نفسه منزلة المخاطب الأجنبي، كأنه قال لنفسه : اعلم، ومنه : ودّع هريرة، وألم تغتمض عيناك، وتطاول ليلك، وإنما يخاطب نفسه، نزلها منزلة الأجنبي.
وروى الجعبي عن أبي بكر قال : أعلم، أمرا من أعلم، فالفاعل بقال يظهر أنه ضمير