البحر المحيط، ج ٢، ص : ٧١٦
وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ أي : إن تبتم من الربا ورؤوس الأموال : أصولها، وأما الأرباح فزوائد وطوارئ عليها. قال بعضهم : إن لم يتوبوا كفروا برد حكم اللّه واستحلال ما حرم اللّه، فيصير مالهم فيأ للمسلمين، وفي الاقتصار على رؤوس الأموال مع ما قبله دليل واضح على أنه ليس لهم إلّا ذلك، ومفهوم الشرط أنه : إن لم يتوبوا فليس لهم رؤوس أموالهم، وتسمية أصل المال رأسا مجاز.
لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ قرأ الجمهور الأول مبنيا للفاعل، والثاني مبنيا للمفعول، أي : لا تظلمون الغريم بطلب زيادة على رأس المال، ولا تظلمون أنتم بنقصان رأس المال، وقيل : بالمطل. وقرأ أبان، والمفضل، عن عاصم الأول مبنيا للمفعول، والثاني مبينا للفاعل ورجح أبو علي قراءة الجماعة بأنها تناسب قوله : وإن تبتم، في إسناد الفعلين إلى الفاعل، فتظلمون بفتح التاء أشكل بما قبله.
والجملة يظهر أنها مستأنفة وإخبار منه تعالى أنهم إذا اقتصروا على رؤوس الأموال كان ذلك نصفة، وقيل : الجملة حال من المجرور في : لكم، والعامل في الحال ما في حرف الجر من شوب الفعل، قاله الأخفش.
وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ شكا بنو المغيرة العسرة وقالوا : أخرونا إلى أن تدرك الغلات، فأبوا أن يؤخروا، فنزلت. قيل : هذه الآية ناسخة لما كان في الجاهلية من بيع من أعسر بدين، وقيل : أمر به في صدر الإسلام، فإن ثبت هذا فهو نسخ، وإلا فليس بنسخ والعسرة ضيق الحال من جهة عدم المال، ومنه : جيش العسرة، والنظرة :
التأخير، والميسرة : اليسر.
وقرأ الجمهور : ذو عسرة، على أن : كان، تامة، وهو قول سيبويه، وأبي علي، وإن وقع غريم من غرمائكم ذو عسرة، وأجاز بعض الكوفيين أن تكون : كان، ناقصة هنا.
وقدّر الخبر : وإن كان من غرمائكم ذو عسرة فحذف المجرور الذي هو الخبر، وقدر أيضا :
وإن كان ذو عسرة لكم عليه حق، وحذف خبر كان لا يجوز عند أصحابنا، لا اقتصارا ولا اختصارا لعلة ذكروها في النحو.
وقرأ أبي، وابن مسعود، وعثمان، وابن عباس : ذا عسرة. وقرأ الأعمش : معسرا.
وحكى الداني عن أحمد بن موسى أنها كذلك في مصحف أبي علي ان في كان اسمها


الصفحة التالية
Icon