البحر المحيط، ج ٢، ص : ٧٤٤
واختلفوا في استمراره، فقال مالك : إذا ردّه بعارية أو غيرها بطل. وقال أبو حنيفة : إن ردّه بعارية أو وديعة لم يبطل. وقال الشافعي : يبطل برجوعه إلى يد الراهن مطلقا.
والظاهر من اشتراط القبض أن يكون المرهون ذاتا متقومّة يصح بيعها وشراؤها، ويتهيأ فيها القبض أو التخلية. فقال الجمهور : لا يجوز رهن ما في الذمّة. وقالت المالكية :
يجوز، وقال الجمهور : لا يصح رهن الغرر، مثل : العبد الآبق، والبعير الشارد، والأجنة في بطون أمّهاتها، والسمك في الماء، والثمرة قبل بدو صلاحها. وقال مالك : لا بأس بذلك.
واختلفوا في رهن المشاع، فقال مالك، والشافعي : يصح فيما يقسم وفيما لا يقسم.
وقال أبو حنيفة : لا يصح مطلقا. وقال الحسن بن صالح : يجوز فيما لا يقسم، ولا يجوز فيما يقسم.
ومعنى : على سفر، أي : مسافرين، وقد تقدّم الكلام على مثله في آية الصيام.
ويحتمل قوله : ولم تجدوا، أن يكون معطوفا على فعل الشرط، فتكون الجملة في موضع جزم، ويحتمل أن تكون الواو للحال، فتكون الجملة في موضع نصب. ويحتمل أن يكون معطوفا على خبر كان، فتكون الجملة في موضع نصب، لأن المعطوف على الخبر خبر، وارتفاع : فرهان، على أنه خبر مبتدأ محذوف، التقدير : فالوثيقة رهان مقبوضة.
فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ أي : إن وثق رب الدين بأمانة الغريم، فدفع إليه ماله بغير كتاب ولا إشهاد ولا رهن، فليؤدّ الغريم أمانته، أي ما ائتمنه عليه رب المال. وقرأ أبيّ : فإن أومن، رباعيا مبنيا للمفعول، أي : آمنه الناس، هكذا نقل هذه القراءة عن أبي الزمخشري، وقال السجاوندي : وقرأ أبي : فإن ائتمن، افتعل من الأمن، أي : وثق بلا وثيقة صك، ولا رهن.
والضمير في : أمانته، يحتمل أن يعود إلى رب الدين، ويحتمل أن يعود إلى الذي اؤتمن. والأمانة : هو مصدر أطلق على الشيء الذي في الذمّة، ويحتمل أن يراد به نفس المصدر، ويكون على حذف مضاف، أي : فليؤدّ دين أمانته. واللام في : فليؤدّ، للأمر، وهو للوجوب. وأجمعوا على وجوب أداء الديون، وثبوت حكم الحاكم به وجبره الغرماء عليه، ويجوز إبدال همزة : فليؤدّ، واوا نحو : يوجل ويوخر ويواخذ، لضمة ما قبلها.
وروى أبو بكر عن عاصم : الذي اؤتمن، برفع الألف، ويشير بالضمة إلى الهمزة.