البحر المحيط، ج ٢، ص : ٧٤٥
قال ابن مجاهد : وهذه الترجمة غلط. وروى سليم عن حمزة إشمام الهمزة الضم، وفي الإشارة والإشمام المذكورين نظر.
وقرأ ابن محيصن، وورش بإبدال الهمزة ياء، كما أبدلت في بئر وذئب، وأصل هذا الفعل : أؤتمن، بهمزتين : الأولى همزة الوصل، وهي مضمومة. والثاني : فاء الكلمة، وهي ساكنة، فتبدل هذه واوا لضمة ما قبلها، ولاستثقال اجتماع الهمزتين، فإذا اتصلت الكلمة بما قبلها رجعت الواو إلى أصلها من الهمزة، لزوال ما أوجب إبدالها. وهي همزة الوصل، فإذا كان قبلها كسرة جاز إبدالها ياء لذلك.
وقرأ عاصم في شاذه : اللذتمن، بإدغام التاء المبدلة من الهمزة قياسا على : اتسر، في الافتعال من اليسر. قال الزمخشري : وليس بصحيح، لأن التاء منقلبة عن الهمزة في حكم الهمزة، واتزر عامّي، وكذلك ريّا في رؤيا. انتهى كلامه.
وما ذكر الزمخشري فيه أنه ليس بصحيح، وأن اترز عامي يعني : أنه من إحداث العامّة، لا أصل له في اللغة، قد ذكره غيره، أن بعضهم أبدل وأدغم، فقال : اتمن واتزر، وذكر أن ذلك لغة رديئة. وأما قوله : وكذلك ريّا في رؤيا، فهذا التشبيه إما أن يعود إلى قوله : واتزر عامي، فيكون إدغام ريّا عاميا. وإما أن يعود إلى قوله : فليس بصحيح، أي :
وكذلك إدغام : ريا، ليس بصحيح. وقد حكى الإدغام في ريا الكسائي.
وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ أي عذاب اللّه في أداء ما ائتمنه رب المال، وجمع بين قوله : اللّه ربه، تأكيدا لأمر التقوى في أداء الدين كما جمعهما في قوله : وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فأمر بالتقوى حين الإقرار بالحق، وحين أداء ما لزمه من الدين، فاكتنفه الأمر بالتقوى حين الأخذ وحين الوفاء.
وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ هذا نهي تحريم، ألا ترى إلى الوعيد لمن كتمها؟ وموضع النهي حيث يخاف الشاهد ضياع الحق. وقال ابن عباس : على الشاهد أن يشهد حيث ما استشهد، ويخبر حيث ما استخبر. ولا تقل : أخبر بها عن الأمير، بل أخبره بها لعله يرجع ويرعوي.
وقرأ السلمي : ولا يكتموا، بالياء على الغيبة.
وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ كتم الشهادة هو إخفاؤها بالامتناع من أدائها، والكتم


الصفحة التالية
Icon