البحر المحيط، ج ٢، ص : ٨
تمارينا وامترينا فيه، كقولك : تحاورنا واحتورنا. وجهة، قال قوم، منهم المازني والمبرد والفارسي : إن وجهة اسم للمكان المتوجه إليه، فعلى هذا يكون إثبات الواو أصلا، إذ هو اسم غير مصدر. قال سيبويه : ولو بنيت فعلة من الوعد لقلت وعدة، ولو بنيت مصدرا لقلت عدة. وذهب قوم، منهم المازني، فيما نقل المهدوي إلى أنه مصدر، وهو الذي يظهر من كلام سيبويه. قال، بعد ما ذكر حذف الواو من المصادر، وقد أثبتوا فقالوا : وجهة في الجهة، فعلى هذا يكون إثبات الواو شاذا، منبهة على الأصل المتروك في المصادر.
والذي سوّغ عندي إقرار الواو، وإن كان مصدرا، أنه مصدر ليس بجار على فعله، إذ لا يحفظ وجه يجه، فيكون المصدر جهة. قالوا : وعد يعد عدة، إذ الموجب لحذف الواو من عدة هو الحمل على المضارع، لأن حذفها في المضارع لعلة مفقودة في المصدر. ولما فقد يجه، ولم يسمع، لم يحذف من وجهة، وإن كان مصدرا، لأنه ليس مصدرا ليجه، وإنما هو مصدر على حذف الزوائد، لأن الفعل منه : توجه واتجه. فالمصدر الجاري هو التوجه والاتجاه، وإطلاقه على المكان المتوجه إليه هو من باب إطلاق المصدر على اسم المفعول.
الاستباق : افتعال من السبق، وهو الوصول إلى الشيء أولا، ويكون افتعل منه، إما لموافقة المجرد، فيكون معناه ومعنى سبق واحدا، أو لموافقة تفاعل، فيكون استبق وتسابق بمعنى واحد. الخيرات : جمع خيرة، ويحتمل أن يكون بناء على فعلة، أو بناء على فيعلة، فحذف منه، كالميتة واللينة. وقد تقدّم القول في هذا الحذف، قالوا : رجل خير، وامرأة خيرة، كما قالوا : رجل شر، وامرأة شرّة، ولا يكونان إذ ذاك أفعل التفضيل. الجوع :
القحط، وأما الحاجة إلى الأكل فإنما اسمها : الغرث. يقال : غرث يغرث غرثا، فهو غرث وغرثان، قال :
مغرّثة زرقا كأن عيونها من الذمر والإيحاء نوّار عضرس
وقد استعمل المحدثون في الغرث : الجوع اتساعا.
سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها : سبب نزول هذه الآية ما
رواه البخاري، عن البراء بن عازب قال : لما قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المدينة، فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا، أو سبعة عشر شهرا. وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يحب أن يتوجه نحو الكعبة، فأنزل اللّه تعالى : قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ الآية.
فقال