البحر المحيط، ج ٣، ص : ٣٤٨
«ما الإيمان» فبين له العقائد «ما الإسلام»؟ فبين له الفرائض. «ما الإحسان؟»
قال :«أن تعبد اللّه كأنك تراه»
والمعنى : أن اللّه يحب المحسنين، وهم الذين يوقعون الأعمال الصالحة، مراقبين اللّه كأنهم مشاهدوه. وقال الحسن : الإحسان أن تعم ولا تخص، كالريح والمطر والشمس والقمر. وقال الثوري : الإحسان أن تحسن إلى المسيء، فإنّ الإحسان إليه مناجزة كنقد السوق، خذ مني وهات.
وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ نزلت في قول الجمهور بسبب منهال التمار، ويكنى : أبا مقبل، أتته امرأة تشتري منه تمرا فضمها وقبلها ثم ندم. وقيل : ضرب على عجزها.
والعطف بالواو مشعر بالمغايرة. لمّا ذكر الصنف الأعلى وهم المتقون الموصوفون بتلك الأوصاف الجميلة، ذكر من دونهم ممن قارف المعاصي وتاب وأقلع، وليس من باب عطف الصفات واتحاد الموصوف. وقيل : أنه من عطف الصفات، وأنه من نعت المتقين روي ذلك عن الحسن.
قال ابن عباس : الفاحشة الزنا، وظلم النفس ما دونه من النظر واللمسة. وقال مقاتل : الفاحشة الزنا، وظلم النفس سائر المعاصي. وقال النخعي : الفاحشة القبائح، وظلم النفس من الفاحشة وهو لزيادة البيان. وقيل : جميع المعاصي وظلم النفس العمل بغير علم ولا حجة. وقال الباقر : الفاحشة النظر إلى الأفعال، وظلم النفس رؤية النجاة بالأعمال.
وقيل : الفاحشة الكبيرة، وظلم النفس الصغيرة. وقيل : الفاحشة ما تظوهر به من المعاصي، وقيل : ما أخفى منها. وقال مقاتل والكلبي : الفاحشة ما دون الزنا من قبله أو لمسة أو نظرة فيما لا يحل، وظلم النفس بالمعصية، وقيل : الفاحشة الذنب الذي فيه تبعة للمخلوقين، وظلم النفس ما بين العبد وبين ربه. وهذه تخصيصات تحتاج إلى دليل. وكثر استعمال الفاحشة في الزنا، ولذلك قال جابر حين سمع الآية : زنوا ورب الكعبة.
ومعنى ذَكَرُوا اللَّهَ ذكروا وعيده قاله : ابن جرير وغيره. وقيل : العرض على اللّه قاله الضحاك. أو السؤال عنه يوم القيامة قاله : الكلبي ومقاتل والواقدي. وقيل : نهي اللّه.
وقيل : غفرانه. وقيل : تعرضوا لذكره بالقلوب ليبعثهم على التوبة. وقيل : عظيم عفوه فطمعوا في مغفرته. وقيل : إحسانه فاستحيوا من إساءتهم. وهذه الأقوال كلها على أن الذكر هو بالقلب. وقيل : هو باللسان، وهو الاستغفار. ذكروا اللّه بقلوبهم : اللهم اغفر لنا


الصفحة التالية