البحر المحيط، ج ٣، ص : ٣٩١
الأمنة؟ فأخبر تعالى تغشى طائفة منكم، جاز ذلك. وقال ابن عطية : أسند الفعل إلى ضمير المبدل منه انتهى. لما أعرب نعاسا بدلا من أمنة، كان القياس أن يحدث عن البدل لا عن المبدل منه، فحدث هنا عن المبدل منه، فإذا قلت : إن هندا حسنها فاتن، كان الخبر عن حسنها، هذا هو المشهور في كلام العرب. وأجاز بعض أصحابنا أن يخبر عن المبدل منه كما أجاز ذلك ابن عطية في الآية، واستدل على ذلك بقوله :
إن السيوف غدوها ورواحها تركت هوازن مثل قرن الأعضب
وبقول الآخر :
وكأنه لهق السراة كأنه ما حاجبيه معين بسواد
فقال : تركت، ولم يقل تركا. وقال معين : ولم يقل معينان، فأعاد الضمير على المبدل منه وهو السيوف، والضمير في كأنه ولم يعد على البدل وهي : غدوها ورواحها وحاجبيه. وما زائدة بين المبدل منه والبدل. ولا حجة فيما استدل به لاحتمال أن يكون انتصاب غدوها ورواحها على الظرف لا على البدل، ولاحتمال أن يكون معين خبرا عن حاجبيه، لأنه يجوز أن يخبر عن الاثنين اللذين لا يستغني أحدهما عن الآخر، كاليدين والرجلين والعينين والحاجبين إخبار الواحد. كما قال :
لمن زحلوقه زل بها العينان تنهل
وقال :
وكأنّ في العينين حبّ قرنفل أو سنبلا كحلت به فانهلت
فقال : تنهل وكحلت له، ولم يقل : تنهلان، ولا كحلتا به. وهذا كما أجازوا أن يخبر عن الواحد من هذين أخبار المثنى قال :
إذا ذكرت عيني الزمان الذي مضى بصحراء فلج ظلتا تكفان
فقال : ظلتا ولم يقل : ظلت تكف. وقرأ الباقون : يغشى بالياء، حمله على لفظ النعاس.
وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ قال مكي : أجمع المفسرون على أن هذه الطائفة هم