البحر المحيط، ج ٣، ص : ٤٩٠
الألف واللام. وامتنع ظهور الألف واللام لأنها في نية الإضافة، وقد ذكرنا الردّ عليه في كتاب التكميل من تأليفنا.
وقال الزمخشري : إنما منعت الصرف لما فيها من العدلين : عدلها عن صيغتها، وعدلها عن تكريرها. وهي نكرات تعرفن بلام التعريف يقال : فلان ينكح المثنى والثلاث والرباع انتهى كلامه. وما ذهب إليه من امتناع الصرف لما فيها من العدلين : عدلها عن صيغتها، وعدلها عن تكرّرها، لا أعلم أحدا ذهب إلى ذلك، بل المذاهب في علة منع الصرف المنقولة أربعة : أحدها : ما نقلناه عن سيبويه. والثاني : ما نقلناه عن الفراء.
والثالث : ما نقل عن الزجاج وهو لأنها معدولة عن اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، وأنه عدل عن التأنيث. والرابع : ما نقله أبو الحسن عن بعض النحويين أن العلة المانعة من الصرف هي تكرار العدل فيه، لأنه عدل عن لفظ اثنين وعدل عن معناه. وذلك أنه لا يستعمل في موضع تستعمل فيه الأعداد غير المعدولة تقول : جاءني اثنان وثلاثة، ولا يجوز : جاءني مثنى وثلاث حتى يتقدّم قبله جمع، لأن هذا الباب جعل بيانا لترتيب الفعل. فإذا قال : جاءني القوم مثنى، أفاد أن ترتيب مجيئهم وقع اثنين اثنين. فأما الاعداد غير المعدولة فإنما الغرض منها الإخبار عن مقدار المعدودون غيره. فقد بان بما ذكرنا اختلافهما في المعنى، فلذلك جاز أن تقوم العلة مقام العلتين لإيجابهما حكمين مختلفين انتهى ما قرر به هذا المذهب.
وقد ردّ الناس على الزجاج قوله : أنه عدل عن التأنيث بما يوقف عليه في كتب النحو، والزمخشري لم يسلك شيئا من هذه العلل المنقولة، فإن كان تقدّمه سلف ممن قال ذلك فيكون قد تبعه، وإلا فيكون مما انفرد بمقالته. وأما قوله : يعرفن بلام التعريف، يقال :
فلان ينكح المثنى والثلاث والرباع، فهو معترض من وجهين : أحدهما : زعمه أنها تعرف بلام التعريف، وهذا لم يذهب إليه أحد، بل لم يستعمل في لسان العرب إلا نكرات.
والثاني : أنه مثل بها، وقد وليت العوامل في قوله : فلان ينكح المثنى، ولا يلي العوامل، إنما يتقدّمها ما يلي العوامل، ولا تقع إلا خبرا كما
جاء :«صلاة الليل مثنى».
أو حالا نحو : ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى «١» أو صفه نحو : أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ «٢» وقوله :
(١) سورة النساء : ٤/ ٣.
(٢) سورة فاطر : ٣٥/ ١.