البحر المحيط، ج ٣، ص : ٤٩٧
لو عرضت لأسقفي قس أشعث في هيكله مندس
حن إليها كحنين الطس
انتهى. أما قول ابن عطية : حذفوا التاء الثانية فهذا مذهب أهل البصرة. وذهب هشام بن معاوية الضرير الكوفي : إلى أنّ المحذوفة هي الأولى، وهي تاء المضارعة، وهي مسألة خلاف ذكرت دلائلها في علم النحو. وأما قوله : وهذه تاء تتفاعلون تدغم في لغة وتحذف في أخرى، كان ينبغي أن ينبه على الإثبات، إذ يجوز الإثبات وهو الأصل، والإدغام وهو قريب من الأصل، إذ لم يذهب الحرف إلا بأن أبدل منه مماثل ما بعده وأدغم. والحذف، لاجتماع المثلين. وظاهر كلامه اختصاص الإدغام والحذف بتتفاعلون، وليس كذلك. أما الإدغام فلا يختص به، بل ذلك في الأمر والمضارع والماضي واسم الفاعل واسم المفعول والمصدر. وأما الحذف فيختص بما دخلت عليه التاء من المضارع، فقوله : لاجتماع حروف متقاربة ظاهرة تعليل الحذف فقط لقربه، أو تعليل الحذف والإدغام، وليس كذلك. أما إن كان تعليلا فليس كذلك، بل الحذف علة اجتماع متماثلة لا متقاربة. وأما إن كان تعليلا لهما فيصح الإدغام لا الحذف كما ذكرنا.
وأما قول أبي علي : إذا اجتمعت المتقاربة فكذا، فلا يعني أن ذلك حكم لازم، إنما معناه : أنه قد يكون التخفيف بكذا، فكم وجد من اجتماع متقاربة لم يخفف لا بحذف ولا إدغام ولا بدل. وأما تمثيله بطست في طس فليس البدل هنا لاجتماع، بل هذا من اجتماع المثلين كقولهم في لص لصت.
ومعنى يتساءلون به : أي يتعاطون به السؤال، فيسأل بعضكم بعضا. أو يقول :
أسألك باللّه أن تفعل، وظاهر تفاعل الاشتراك أي : تسأله باللّه، ويسألك باللّه. وقالت طائفة : معناه تسألون به حقوقكم وتجعلونه معظما لها. وقرأ عبد اللّه : تسألون به مضارع سأل الثلاثي. وقرى : تسلون بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى السين. قال ابن عباس :
معنى تساءلون به أي تتعاطفون. وقال الضحاك والربيع : تتعاقدون وتتعاهدون.
وقال الزجاج : تتطلبون به حقوقكم والأرحام. قرأ جمهور : السبعة بنصب الميم.
وقرأ حمزة : بجرها، وهي قراءة النخعي وقتادة والأعمش.
وقرأ عبد اللّه بن يزيد : بضمها، فأما النصب فظاهره أن يكون معطوفا على لفظ الجلالة، ويكون ذلك على حذف مضاف، التقدير : واتقوا اللّه، وقطع الأرحام. وعلى هذا المعنى فسرها ابن عباس وقتادة والسدي وغيرهم.