البحر المحيط، ج ٣، ص : ٥٣٠
وجمعه على فعال قياس. وقرأ ابن محيصن : ضعفا بضمتين، وتنوين الفاء. وقرأت عائشة والسلمي والزهري وأبو حيوة وابن محيصن أيضا : ضعفاء بضم الضاد والمد، كظريف وظرفاء، وهو أيضا قياس. وقرىء ضعافى وضعافى بالإمالة، نحو سكارى وسكارى.
وأمال حمزة خافوا للكسرة التي تعرض له في نحو : خفت. وانظر إلى حسن ترتيب هذه الأوامر حيث بدأ أولا بالخشية التي محلها القلب وهي الاحتراز من الشيء بمقتضى العلم، وهي الحاملة على التقوى، ثم أمر بالتقوى ثانيا وهي متسببة عن الخشية، إذ هي جعل المرء نفسه في وقاية مما يخشاه. ثم أمر بالقول السديد، وهو ما يظهر من الفعل الناشئ عن التقوى الناشئة عن الخشية. ولا يراد تخصيص القول السديد فقط، بل المعنى على الفعل والقول السديدين. وإنما اقتصر على القول السديد لسهولة ذلك على الإنسان، كأنه قيل : أقل ما يسلك هو القول السديد. قال مجاهد : يقولون للذين يفرقون المال زد فلانا وأعط فلانا. وقيل : هو الأمر بإخراج الثلث فقط. وقيل : هو تلقين المحتضر الشهادة.
وقيل : الصدق في الشهادة. وقيل : الموافق للحق. وقيل : للعدل. وقيل : للقصد. وكلها متقاربة.
والسداد : الاستواء في القول والفعل. وأصل السد إزالة الاختلال. والسديد يقال في معنى الفاعل، وفي معنى المفعول. ورجل سديد متردد بين المعنيين، فإنه يسدّد من قبل متبوعه، ويسدّد لتابعه.
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً نزلت في المشركين كانوا يأكلون أموال اليتامى ولا يورثونهم ولا النساء، قاله : ابن زيد. وقيل : في حنظلة بن الشمردل، ولي يتيما فأكل ماله. وقيل : في زيد بن زيد الغطفاني ولي مال ابن أخيه فأكله، قاله : مقاتل. وقال الأكثرون : نزلت في الأوصياء الذين يأكلون من أموال اليتامى ما لم يبح لهم، وهي تتناول كل أكل بظلم وإن لم يكن وصيا وانتصاب ظلما على أنه مصدر في موضع الحال أو مفعول من أجله، وخبر ان هي الجملة من قوله : إنما يأكلون. وفي ذلك دليل على جواز وقوع الجملة المصدرة بأن خبرا، لأن وفي ذلك خلاف.
وحسن ذلك هنا تباعدهما يكون اسم إنّ موصولا، فطال الكلام بذكر صلته. وفي بطونهم : معناه ملء بطونهم يقال : أكل في بطنه، وفي بعض بطنه. كما قال :
كلوا في بعض بطنكم تعفوا فإن زمانكم زمن خميص


الصفحة التالية
Icon