البحر المحيط، ج ٣، ص : ٦١
قال ابن جني : على الحال من الضمير في المستغفرين. وقيل : نصب على المدح، وهو جمع شهداء، وجمع شاهد : كظرفاء وعلماء. وروي عنه، وعن أبي نهيك : شهداء اللّه، بالرفع أي : هم شهداء اللّه. وفي القراءتين : شهداء، مضاف إلى اسم اللّه.
وروي عن أبي المهلب : شهد بضم الشين والهاء، جمع : شهيد، كنذير ونذر، وهو منصوب على الحال، واسم اللّه منصوب. وذكر النقاش : أنه قرىء كذلك بضم الدال وبفتحها مضافا لاسم اللّه في القراءتين.
وذكر الزمخشري، أنه قرىء : شهداء للّه، برفع الهمزة ونصبها، وبلام الجر داخلة على اسم اللّه، فوجه النصب على الحال من المذكورين، والرفع على إضمارهم، ووجه رفع الملائكة على هاتين القراءتين عطفا على الضمير المستكن في شهداء، وجاز ذلك لوقوع الفاصل بينهما. وتقدم توجيه رفع الملائكة إما على الفاعلية، وإما على الابتداء.
وقرأ أبو عمرو بخلاف عنه بإدغام : واو، وهو في : واو، والملائكة. وقرأ ابن عباس :
أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ بكسر الهمزة في : أنه، وخرج ذلك على أنه أجرى : شهد، مجرى :
قال، لأن الشهادة في معنى القول، فلذلك كسر إن، أو على أن معمول : شهد، هو إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ «١» ويكون قوله : أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ جملة اعتراض بين المعطوف عليه والمعطوف، إذ فيها تسديد لمعنى الكلام وتقوية، هكذا خرجوه. والضمير في : أنه، يحتمل أن يكون عائدا على : اللّه، ويحتمل أن يكون ضمير الشأن، ويؤيد هذا قراءة عبد اللّه شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ففي هذه القراءة يتعين أن يكون المحذوف إذا خففت ضمير الشأن، لأنها إذا خففت لم تعمل في غيره إلّا ضرورة، وإذا عملت فيه لزم حذفه.
قالوا : وانتصب : قائِماً بِالْقِسْطِ على الحال من اسم اللّه تعالى، أو من : هو، أو من الجميع، على اعتبار كل واحد واحد، أو على المدح، أو صفة للمنفي، كأنه قيل :
لا إله قائما بالقسط إلّا هو. أو : على القطع، لأن أصله : القائم، وكذا قرأ ابن مسعود، فيكون كقوله : وَلَهُ الدِّينُ واصِباً «٢» أي الواصب.
وقرأ أبو حنيفة : قيما، وانتصابه على ما ذكر. وذكر السجاوندي : أن قراءة عبد اللّه :
(١) سورة آل عمران : ٣/ ١٩.
(٢) سورة النحل : ١٦/ ٥٢.