البحر المحيط، ج ٣، ص : ٦١٥
الذي في البخاري - فمنها : قول الزور، وعقوق الوالدين، والكذب عليه صلّى اللّه عليه وسلّم، وتعريض المرء أبويه للسبّ بأن يسبّ آباء الناس، وذكر عليه السلام الوعيد الشديد بالنار على الكبر، وعلى كفر نعمة المحسن في الحق، وعلى النياحة في المآتم، وحلق الشعر فيها، وخرق الجيوب، والنميمة، وترك التحفظ من البول، وقطيعة الرحم، وعلى الخمر، وعلى تعذيب الحيوان بغير الذكاة لأكل ما يحل أكله منها أو ما أبيح أكله منها، وعلى إسبال الإزار على سبيل التجوه، وعلى المنان بما يفعل من الخير، وعلى المنفق سلعته بالحلف الكاذب، وعلى المانع فضل مائه من الشارب، وعلى الغلول، وعلى متابعة الأئمة للدنيا فإن أعطوا منها وفي لهم وإن لم يعطوا منها لم يوف لهم، وعلى المقتطع بيمينه حق امرئ مسلم، وعلى الإمام الغاش لرعيته، ومن ادعى إلى غير أبيه، وعلى العبد الآبق، وعلى من غل، ومن ادعى ما ليس له، وعلى لاعن من لا يستحق اللعن، وعلى بغض الأنصار، وعلى تارك الصلاة، وعلى تارك الزكاة، وعلى بغض عليّ رضي اللّه عنه، ووجدنا الوعيد الشديد في نص القرآن قد جاء على الزناة، وعلى المفسدين في الأرض بالحرابة، فصح بهذا قول ابن عباس انتهى كلامه. يعني قوله هي : إلى السبعين أقرب منها إلى السبع. وروي عن ابن عباس أنه قال : هي إلى سبعمائة أقرب، لأنه لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار.
وقد اختلف القائلون بأنه يكفر الصغائر باجتناب الكبائر، هل التكفير قطعي؟ أو غالب ظن؟ فجماعة من الفقهاء وأهل الحديث ذهبوا إلى أنه قطعيّ كما دلت عليه الآية والأحاديث، والأصوليون قالوا : هو على غلبة الظن، وقالوا : لو كان ذلك قطعيا لكانت الصغائر في حكم المباح يقطع بأن لا تبعة فيه، ووصف مدخلا بقوله : كريما ومعنى كرمه :
فضيلته، ونفى العيوب عنه كما تقول : ثوب كريم، وفلان كريم المحتد. ومعنى تكفير السيئات إزالة ما يستحق عليها من العقوبات، وجعلها كأن لم تكن، وذلك مرتب على اجتناب الكبائر.
وقرأ ابن عباس وابن جبير : إن تجتنبوا كبير على الافراد، وقد ذكرنا من احتج به على أنه أريد الكفر. وأمّا من لم يقل ذلك فهو عنده جنس.
وقرأ المفضل عن عاصم : يكفر ويدخلكم بالياء على الغيبة.
وقرأ ابن عباس : من سيئاتكم بزيادة من.


الصفحة التالية
Icon