البحر المحيط، ج ٣، ص : ٦٢٥
على ما محذوف، والتقدير : بما حفظه اللّه لهن من مهور أزواجهن، والنفقة عليهن، قاله الزجاج. وقال ابن عطية : ويكون المعنى إما حفظ اللّه ورعايته التي لا يتم أمر دونها، وإما أوامره ونواهيه للنساء، وكأنها حفظه، فمعناه : أن النساء يحفظن بإزاء ذلك وبقدره. وأجاز أبو البقاء أن تكون ما نكرة موصوفة.
وقرأ أبو جعفر بن القعقاع : بنصب الجلالة فالظاهر أنّ ما بمعنى الذي، وفي حفظ ضمير يعود على ما مرفوع أي : بالطاعة والبر الذي حفظ اللّه في امتثال أمره. وقيل : التقدير بالأمر الذي حفظ حق اللّه وأمانته، وهو التعفف والتحصن والشفقة على الرجال والنصيحة لهم. وقدره ابن جني : بما حفظ دين اللّه، أو أمر اللّه. وحذف المضاف متعين تقديره : لأن الذات المقدسة لا ينسب إليها أنها يحفظها أحد. وقيل : ما مصدرية، وفي حفظ ضمير مرفوع تقديره : بما حفظن اللّه، وهو عائد على الصالحات. قيل : وحذف ذلك الضمير، وفي حذفه قبح لا يجوز إلا في الشعر كما قال : فإن الحوادث أودى بها.
يريد : أو دين بها. والمعنى : يحفظن اللّه في أمره حين امتثلنه. والأحسن في هذا أن لا يقال أنه حذف الضمير، بل يقال : إنه عاد الضمير عليهن مفردا، كأنه لوحظ الجنس، وكأن الصالحات في معنى من صلح، وهذا كله توجيه شذوذ أدّى إليه قول من قال في هذه القراءة : إنّ ما مصدرية. ولا حاجة إلى هذا القول، بل ينزه القرآن عنه. وفي قراءة عبد اللّه ومصحفه : فالصوالح قوانت حوافظ للغيب بما حفظ اللّه، فأصلحوا إليهن. وينبغي حملها على التفسير لأنها مخالفة لسواد الإمام، وفيها زيادة. وقد صح عنه بالنقل الذي لا شك فيه أنه قرأ : وأقرأ على رسم السواد، فلذلك ينبغي أن تحمل هذه القراءة على التفسير. قال ابن جني : والتكسير أشبه بالمعنى، إذ هو يعطي الكثرة وهي المقصودة هنا. ومعنى قوله :
فأصلحوا إليهن أي أحسنوا ضمن أصلحوا معنى أحسنوا، ولذلك عداه بإلى.
روى في الحديث :«يستغفر للمرأة المطيعة لزوجها الطير في الهواء، والحيتان في البحر، والملائكة في السماء، والسباع في البراري». قالت أم سلمة : قلت : يا رسول اللّه نساء الدنيا أفضل أم الحور؟ فقال : نساء الدنيا أفضل من الحور. قلت : يا رسول اللّه بم؟ قال : بصلاتهن، وصيامهن، وعبادتهن، وطاعة أزواجهن.
وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ لما ذكر تعالى صالحات الأزواج وأنهن من المطيعات الحافظات للغيب، ذكر مقابلهن وهن العاصيات للأزواج. والخوف هنا قيل : معناه اليقين، ذهب في ذلك إلى أنّ الأوامر التي