البحر المحيط، ج ٣، ص : ٦٢٦
بعد ذلك إنما يوجبها وقوع النشوز لا توقعه، واحتج في جواز وقوع الخوف موقع اليقين بقول أبي محجن الثقفي رضي اللّه عنه :
ولا تدفنني بالفلاة فإنني أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
وقيل الخوف على بابه من بعض الظن. قال :
أتاني كلام من نصيب بقوله وما خفت يا سلام أنك عاتبي
أي : وما ظننت. وفي الحديث :«أمرت بالسواك حتى خفت لأدردن»
وقيل : الخوف على بابه من ضد الأمن، فالمعنى : يحذرون ويتوقعون، لأن الوعظ وما بعده إنما هو في دوام ما ظهر من مبادئ ما يتخوف.
والنشوز : أن تتعوج المرأة ويرتفع خلقها وتستعلي على زوجها، ويقال : نسور بالسين والراء المهملتين، ويقال : نصور، ويقال : نشوص. وامرأة ناشر وناشص. قال الأعشى :
تجللها شيخ عشاء فأصبحت مضاعية تأتي الكواهن ناشصا
قال ابن عباس : نشوزهنّ عصيانهنّ. وقال عطاء : نشوزها أن لا تتعطر، وتمنعه من نفسه، وتتغير عن أشياء كانت تتصنع للزوج بها. وقال أبو منصور : نشوزها كراهيتها للزوج. وقيل : امتناعها من المقام معه في بيته، وإقامتها في مكان لا يريد الإقامة فيه.
وقيل : منعها نفسها من الاستمتاع بها إذا طلبها لذلك. وهذه الأقوال كلها متقاربة.
ووعظهن : تذكيرهن آمر اللّه بطاعة الزوج، وتعريفهن أنّ اللّه أباح ضربهن عند عصيانهن، وعقاب اللّه لهن على العصيان قاله : ابن عباس. وقال مجاهد : يقول لها : اتقي اللّه، وارجعي إلى فراشك. وقيل : يقول لها أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»
وقال :«لا تمنعه نفسها ولو كانت على قتب».
وقال :«أيما امرأة باتت هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح»
وزاد آخرون
أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :«ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم : العبد الآبق وامرأة بات عليها زوجها ساخطا وإمام قوم هم له كارهون».
وهجرهن في المضاجع : تركهن لكراهة في المراقد. والمضجع المكان الذي يضطجع فيه على جنب. وأصل الاضطجاع الاستلقاء، يقال : ضجع ضجوعا واضطجع استلقى للنوم، وأضجعته أملته إلى الأرض، وكل شيء أملته من إناء وغيره فقد أضجعته.


الصفحة التالية
Icon