البحر المحيط، ج ٣، ص : ٦٣
وأما انتصابه على المدح، فقال الزمخشري : فإن قلت أليس من حق المنتصب على المدح أن يكون معرفة، كقولك : الحمد للّه الحميد،
«إنا معشر الأنبياء لا نورث».
إنا بني نهشل لا ندعى لأب؟
قلت : قد جاء نكرة في قول الهذلي :
ويأوي إلى نسوة عطل وشعثا مراضيع مثل السعالي
انتهى سؤاله وجوابه. وفي ذلك تخليط، وذلك أنه لم يفرّق بين المنصوب على المدح أو الذم أو الترحم، وبين المنصوب على الاختصاص، وجعل حكمهما واحدا، وأورد مثالا من المنصوب على المدح وهو : الحمد للّه الحميد، ومثالين من المنصوب على الاختصاص وهما :
«إنا معشر الأنبياء لا نورث».
إنا بني نهشل لا ندعى لأب والذي ذكر النحويون أن المنصوب على المدح أو الذم أو الترحم قد يكون معرفة، وقبله معرفة يصلح أن يكون تابعا لها، وقد لا يصلح، وقد يكون نكرة كذلك، وقد يكون نكرة وقبلها معرفة، فلا يصلح أن يكون نعتا لها نحو قول النابغة :
أقارع عوف لا أحاول غيرها وجوه قرود يبتغي من يخادع
فانتصب : وجوه قرود، على الذم. وقبله معرفة وهو قوله : أقارع عوف.
وأما المنصوب على الاختصاص فنصبوا على أنه لا يكون نكرة ولا مبهما، ولا يكون إلّا معرفا بالألف واللام، أو بالإضافة، أو بالعلمية، أو بأي، ولا يكون إلّا بعد ضمير متكلم مختص به، أو مشارك فيه، وربما أتى بعد ضمير مخاطب. وأما انتصابه على أنه صفة للمنفي فقال الزمخشري :
فإن قلت : هل يجوز أن يكون صفة للمنفي كأنه قيل : لا إله قائما بالقسط إلا هو؟
قلت : لا يبعد، فقد رأيناهم يتسعون في الفصل بين الصفة والموصوف، ثم قال :
وهو أوجه من انتصابه عن فاعل : شهد، وكذلك انتصابه على المدح. انتهى. وكان قد مثل في الفصل بين الصفة والموصوف بقوله : لا رجل إلّا عبد اللّه شجاعا. ويعني أن انتصاب :
قائما، على أنه صفة لقوله : إله، أو لكونه انتصب على المدح أوجه من انتصابه على الحال من فاعل : شهد، وهو اللّه. وهذا الذي ذكره لا يجوز، لأنه فصل بين الصفة والموصوف


الصفحة التالية
Icon