البحر المحيط، ج ٣، ص : ٦٤٩
كنتم حاقنين،
لقوله عليه السلام :«لا يصلين أحدكم وهو حاقن».
وفي رواية :«وهو ضام فخذيه»
واستضعف قول الضحاك وعبيدة واستبعد. وقال القرطبي : قولهما صحيح المعنى، لأن المطلوب من المصلي الإقبال على عبادة اللّه تعالى بقلبه وقالبه، بصرف الأسباب التي تشوّش عليه وتقل خشوعه من : نوم، وحقنة، وجوع، وغيره مما يشغل البال. وظاهر الآية يدل على النهي عن قربان الصلاة في حالة السكر. وقيل : المراد النهي عن السكر، لأن الصلاة قد فرضت عليهم وأوقات السكر ليست محفوظة عندهم ولا بمقدرة، لأن السكر قد يقع تارة بالقليل وتارة بالكثير، وإذا لم يتحرر وقت ذلك عندهم تركوا الشرب احتياطا لأداء ما فرض عليهم من الصلوات. وأيضا فالسكر يختلف باختلاف أمزجة الشاربين، فمنهم من سكره الكثير، ومنهم من سكره القليل.
وقرأ الجمهور : سكارى بضم السين. واختلفوا : أهو جمع تكسير؟ أم اسم جمع؟
ومذهب سيبويه أنه جمع تكسير. قال سيبويه في حد تكسير الصفات : وقد يكسرون بعض هذا على فعالى، وذلك قول بعضهم : سكارى وعجالى. فهذا نصّ منه على أن فعلى جمع. ووهم الأستاذ أبو الحسن بن الباذش فنسب إلى سيبويه أنه اسم جمع، وأن سيبويه بين ذلك في الأبنية. قال ابن الباذش : وهو القياس، لأنه جاء على بناء لم يجيء عليه جمع البتة، وليس في الأبنية إلا نص سيبويه على أنه تكسير، وذلك أنه قال : ويكون فعالى في الاسم نحو حبارى وسماني وكباري، ولا يكون وصفا، إلا أن يكسر عليه الواحد للجمع نحو عجالى وسكارى وكسالى. وحكى السيرافي فيه القولين، ورجح أنه تكسير، وأنه الذي يدل عليه كلام سيبويه. وقرأت فرقة : سكارى بفتح السين نحو ندمان وندامى، وهو جمع تكسير. وقرأ النخعي : سكرى، فاحتمل أن يكون صفة لواحدة مؤنثة كامرأة سكرى، وجرى على جماعة إذ معناه : وأنتم جماعة سكرى. وقال ابن جني : هو جمع سكران على وزن فعلى كقوله : روبي نياما وكقولهم : هلكى وميدي جمع هالك ومائد. وقرأ الأعمش :
سكرى بضم السين على وزن حبلى، وتخريجه على أنه صفة لجماعة أي : وأنتم جماعة سكرى. وحكى جناح بن حبيش : كسلى وكسلى بالضم والفتح قاله الزمخشري. ومعنى حتى تعلموا ما تقولون : حتى تصحوا فتعلموا. جعل غاية السبب والمراد السبب، لأنه ما دام سكران لا يعلم ما يقول وظاهر الآية يدل على أن السكران لا يعلم ما يقول، ولذلك ذهب عثمان، وابن عباس، وطاووس، وعطاء، والقاسم، وربيعة، والليث، وإسحاق، وأبو ثور، والمزني إلى أن السكران لا يلزمه طلاق، واختاره الطبري. وقال أجمع العلماء : على