البحر المحيط، ج ٣، ص : ٧٠
وأما على قراءة ابن عباس فكذلك نقول، ولا نجعل : أن الدين معمولا : لشهد، كما فهموا، وان : أنه لا إله إلّا هو، اعتراض، وأنه بين المعطوف والحال وبين : أن الدين، اعتراض آخر، أو اعتراضان، بل نقول : معمول : شهد، إنه بالكسر على تخريج من خرج أن شهد، لما كان بمعنى القول كسر ما بعدها إجراء لها مجرى القول، أو نقول : إنه معمولها، وعلقت ولم تدخل اللام في الخبر لأنه منفي بخلاف أن لو كان مثبتا، فإنك تقول : شهدت إن زيدا المنطلق، فيعلق بأن مع وجود اللام لأنه لو لم تكن اللام لفتحت أن فقلت : شهدت أن زيدا منطلق، فمن قرأ بفتح : أنه، فإنه لم ينو التعليق، ومن كسر فإنه نوى التعليق. ولم تدخل اللام في الخبر لأنه منفي كما ذكرنا.
والإسلام : هنا الإيمان والطاعات، قاله أبو العالية، وعليه جمهور المتكلمين، وعبر عنه قتادة، ومحمد بن جعفر بن الزبير بالإيمان ومرادهما أنه مع الأعمال. وقرأ عبد اللّه :
إن الدين عند اللّه الحنيفية.
قال ابن الانباري : ولا يخفى على ذي تمييز أن هذا كلام من النبي صلى اللّه عليه وسلم على جهة التفسير، أدخله بعض من ينقل الحديث في القراآت، وقد تقدّم الكلام في الإسلام والإيمان : أهما شيء واحد أم هما مختلفان؟ والفرق ظاهر في حديث سؤال جبريل.
وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ أي : اليهود والنصارى، أو هما والمجوس، أقوال ثلاثة :
فعلى أنهم اليهود، وهو قول الربيع بن أنس، الذين اختلفوا فيه التوراة.
قال : لما حضرت موسى عليه السلام الوفاة، استودع سبعين من أحبار بني إسرائيل التوراة عند كل حبر جزء، واستخلف يوشع، فلما مضى ثلاثة قرون وقعت الفرقة بينهم.
وقيل : الذين اختلفوا فيه نبوة نبينا صلى اللّه عليه وسلم، فقال بعضهم : بعث إلى العرب خاصة، وقال بعضهم : ليس بالنبي المبعوث لأن ذلك حقق في بني إسحاق.
وعلى أنهم النصارى، وهو قول محمد بن جعفر بن الزبير، فالذي اختلفوا فيه :
دينهم، أو أمر عيسى، أو دين الإسلام. ثلاثة أقوال.
وقال الزمخشري : هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، واختلفوا أنهم تركوا الإسلام وهو التوحيد والعدل من بعد ما جاءهم العلم أنه الحق الذي لا محيد عنه، فثلثت