البحر المحيط، ج ٤، ص : ١٦٣
الرسم كما وقفوا على سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ «١» من غير واو اتباعا للرسم. على أنه يمكن توجيه كتابته بالياء والوقف عليه بياء بأنه جاء على لغة الأزد، إذ يقفون على بزيد بزيدي بإبدال التنوين ياء، فكتب محلي بالياء على الوقف على هذه اللغة، وهذا توجيه شذوذ رسمي، ورسم المصحف مما لا يقاس عليه.
وقرأ ابن أبي عبلة : غير بالرفع، وأحسن ما يخرج عليه أن يكون صفة لقوله : بهيمة الأنعام، ولا يلزم من الوصف بغير أن يكون ما بعدها مماثلا للموصوف في الجنسية، ولا يضر الفصل بين النعت والمنعوت بالاستثناء، وخرج أيضا على الصفة للضمير في يتلى.
قال ابن عطية : لأن غير محلي الصيد هو في المعنى بمنزلة غير مستحل إذا كان صيدا انتهى. ولا يحتاج إلى هذا التكلف على تخريجنا محلي الصيد وأنتم حرم جملة حالية.
وحرم جمع حرام.
ويقال : أحرم الرجل إذا دخل في الإحرام بحج أو بعمرة، أو بهما، فهو محرم وحرام، وأحرم الرجل دخل في الحرم. وقال الشاعر :
فقلت لها فيئ إليك فإنني حرام وإني بعد ذاك لبيب
أي : ملب. ويحتمل الوجهين قوله : وأنتم حرم، إذ الصيد يحرم على من كان في الحرم، وعلى من كان أحرم بالحج والعمرة، وهو قول الفقهاء. وقال الزمخشري : وأنتم حرم، حال عن محل الصيد كأنه قيل : أحللنا لكم بعض الأنعام في حال امتناعكم من الصيد وأنتم محرمون لئلا يتحرج عليكم انتهى. وقد بينا فساد هذا القول، بأنّ الأنعام مباحة مطلقا لا بالتقييد بهذه الحال.
إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ قال ابن عباس : يحل ويحرم. وقيل : يحكم فيما خلق بما يريد على الإطلاق وهذه الجملة جاءت مقوية لهذه الأحكام الشرعية المخالفة لمعهود أحكام العرب من الأمر بإيفاء العقود وتحليل بهيمة الأنعام، والاستثناء منها ما يتلى تحريمه مطلقا في الحل والحرم إلا في اضطرار، واستثناء الصيد في حالة الإحرام، وتضمن ذلك حله لغير المحرم، فهذه خمسة أحكام ختمها بقوله : إن اللّه يحكم ما يريد. فموجب الحكم والتكليف هو إرادته لا اعتراض عليه، ولا معقب لحكمه، لا ما يقوله المعتزلة من مراعاة المصالح. ولذلك قال الزمخشري : إنّ اللّه يحكم ما يريد من الأحكام، ويعلم أنه