البحر المحيط، ج ٤، ص : ٢٧٣
يكن عمل فلا تشريك. وقرأ نافع : والأذن بالأذن بإسكان الذال معرفا ومنكرا ومثنى حيث وقع. وقرأ الباقون : بالضم. فقيل : هما لغتان، كالنكر والنكر. وقيل : الإسكان هو الأصل، وإنما ضم اتباعا. وقيل : التحريك هو الأصل، وإنما سكن تخفيفا.
ومعنى هذه الآية : أن اللّه فرض على بني إسرائيل أنّ من قتل نفسا بحد أخذ نفسه، ثم هذه الأعضاء كذلك، وهذا الحكم معمول به في ملتنا إجماعا. والجمهور على أنّ قوله أنّ النفس بالنفس عموم يراد به الخصوص في المتماثلين. وقال قوم : يقتل الحر بالعبد والمسلم بالذمي، وبه قال أبو حنيفة : وأجمعوا على أنّ المسلم لا يقتل بالمستأمن ولا بالحربي، ولا يقتل والد بولده، ولا سيد بعبده. وتقتل جماعة بواحد خلافا لعلي، وواحد بجماعة قصاصا، ولا يجب مع القود شيء من المال. وقال الشافعي : يقتل بالأول منهم وتجب دية الباقين، قد مضى الكلام في ذلك في البقرة في قوله : كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى «١» الآية. وقال ابن عباس : كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة فنزلت. وقال أيضا :
رخص اللّه تعالى لهذه الأمة ووسع عليها بالدية، ولم يجعل لبني إسرائيل دية فيما نزل على موسى وكتب عليهم. وقال الثوري : بلغني عن ابن عباس أنه نسخ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ «٢» قوله : أن النفس بالنفس، والظاهر في قوله : النفس بالنفس العموم، ويخرج منه ما يخرج بالدليل، ويبقى الباقي على عمومه. والظاهر في قوله : العين بالعين فتفقأ عين الأعور بعين من كان ذا عينين، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وروي عن عثمان وعمر في آخرين : أن عليه الدية. وقال مالك : إن شاء فقأ وإن شاء أخذ الدية كاملة. وبه قال :
عبد الملك بن مروان، وقتادة، والزهري، والليث، ومالك، وأحمد، والنخعي. وروى نصف الدية عن : عبد اللّه بن المغفل، ومسروق، والنخعي، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، والشافعي. قال ابن المنذر : وبه نقول. وتفقأ اليمنى باليسرى، وتقلع الثنية بالضرس، وعكسهما لعموم اللفظ، وبه قال ابن شبرمة. وقال الجمهور : هذا خاص بالمساواة، فلا تؤخذ يمنى بيسرى مع وجودها إلا مع الرضا. ولو فقأ عينا لا يبصر بها فعن زيد بن ثابت : فيها مائة دينار، وعن عمر : ثلث ديتها. وقال مسروق، والزهري، وأبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر : فيها حكومة. ولو أذهب بعض نور

(١) سورة البقرة : ٢/ ١٧٨.
(٢) سورة البقرة : ٢/ ١٧٨.


الصفحة التالية
Icon