البحر المحيط، ج ٤، ص : ٣١٦
وقال قوم منهم القاضي أبو بكر بن الطيب : هذه كلها صفات زائدة على الذات، ثابتة للّه تعالى من غير تشبيه ولا تجديد. وقال قوم منهم الشعبي، وابن المسيب، والثوري :
نؤمن بها ونقر كما نصت، ولا نعين تفسيرها، ولا يسبق النظر فيه. وهذان القولان حديث من لم يمعن النظر في لسان العرب، وهذه المسألة حججها في علم أصول الدين. وقرأ عبد اللّه : بسيطتان يقال : يد بسيطة مطلقة بالمعروف. وفي مصحف عبد اللّه : بسطان، يقال : يده بسط بالمعروف وهو على فعل كما تقول : ناقة صرح، ومشية سجح، ينفق كيف يشاء هذا تأكيد للوصف بالسخاء، وأنه لا ينفق إلا على ما تقتضيه مشيئته، ولا موضع لقوله تنفق من الإعراب إذ هي جملة مستأنفة، وقال الحوفي : يجوز أن يكون خبرا بعد خبر، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مبسوطتان انتهى. ويحتاج في هذين الإعرابين إلى أن يكون الضمير العائد على المبتدأ، أو على ذي الحال محذوفا التقدير : ينفق بهما. قال الحوفي : كيف سؤال عن حال، وهي نصب بيشاء انتهى. ولا يعقل هنا كونها سؤالا عن حال، بل هي في معنى الشرط كما تقول : كيف تكون أكون، ومفعول يشاء محذوف، وجواب كيف محذوف يدل عليه ينفق المتقدم، كما يدل في قولك : أقوم إن قام زيد على جواب الشرط والتقدير : ينفق كيف يشاء أن ينفق ينفق، كما تقول : كيف تشاء أن أضربك أضربك، ولا يجوز أن يعمل كيف ينفق لأن اسم بالشرط لا يعمل فيه ما قبله إلا إن كان جارا، فقد يعمل في بعض أسماء الشرط. ونظير ذلك قوله : فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ «١».
وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً علق بكثير، لأن منهم من آمن ومن لا يزداد إلا طغيانا، وهذا إعلام للرّسول بفرط عتوهم إذ كانوا ينبغي لهم أن يبادروا بالإيمان بسبب ما أخبرهم به اللّه تعالى على لسان رسوله من الأسرار التي يكتمونها ولا يعرفها غيرهم، لكن رتبوا على ذلك غير مقتضاه، وزادهم ذلك طغيانا وكفروا، وذلك لفرط عنادهم وحسدهم. وقال الزجاج : كلما نزل عليك شيء كفروا به. وقال مقاتل :
وليزيدن بني النضير ما أنزل إليك من ربك من أمر الرجم والدّماء. وقيل : المراد بالكثير علماء اليهود. وقيل : إقامتهم على الكفر زيادة منهم في الكفر.
وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ قيل : الضمير في بينهم عائد على